على حسب ما تضاف إليه. فإذا قلت: سقاني لبنًا معه ماء، فالمعية هنا تقتضي الاختلاط والمزج، كما قال الشاعر لا أدري أيمدح من أضافوه أو يذمهم [الزجر]:
حتى إذ جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذقٍ هل رأيت الذئب قط
إذن هذه المعية في البيت تقتضي الاختلاط، وإذا قلت مثلًا:"حضرت إلى الدرس ومعي كتابي" فهذا مصاحبة في المكان، وإذا قلت:"فلانة مع فلان" هذه قد تقتضي أن تكون معه في المكان، وقد تكون في البيت وهو في السوق لكنها زوجته، فتبين أن المعية يختلف معناها ومقتضياتها ومستلزماتها بحسب ما تضاف إليه ومن هنا نقول: أنتم أيها الحلولية أخطأتم في قولكم إن المعية تستلزم المشاركة في المكان؛ لأنا لو تأملنا الأمثلة لوجدنا عكس ذلك.
إذن فما هو الذي يجب على المؤمن اعتقاده بالنسبة لعلو الله عز وجل؟ الواجب: أن يعتقد بأن الله تعالى عال في ذاته كما هو عال في صفاته؛ ولهذا نقول: إن العلو ينقسم إلى قسمين: علو الذات، وعلو الصفات، وكله ثابت لله عز وجل.
من فوائد الحديث: أن الحشرات تتكلم: {وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}[الإسراء: ٤٤]. إلا أن الله تعالى قد يفهمه من يشاء من عباده، سليمان يقول:{علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيءٍ}[النمل: ١٦]. قال العلماء: إن السر في تخصيص منطق الطير دون غيره، لأن الطير من أصعب ما يكون فهم لغته، ولهذا فهم ما تقول النملة، فعلى هذا نقول: إن جميع المخلوقات تتكلم وتنطق وتسبح الله عز وجل، وما كان محتاجًا منها إلى إمداد فإنه يسأل الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: أن البهائم تعرف حاجتها إلى ربها لقوله: "ليس بنا غنى عن سقياك".
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان قد يجاب مطلوبه بدعوة غيره لقوله: "ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم".
ومن فوائد الحديث: ما استنبطه بعض أهل العلم من أنه ينبغي أن يخرج الأطفال ومن لا ذنب له إلى صلاة الاستسقاء؛ لأنهم أقرب إلى إجابة الدعاء، وجهه: أن النملة غير مكلفة ولهذا قال: "ارجعوا ... الخ".
ومنها: أن بعض أهل العلم قال: ينبغي ألا تخرج البهائم إلى المصلى؛ يعني: إذا كانت البهائم قد أحست بالقحط والجوع، وجهه: أن النملة لم يخرجوا بها إنما هي في بيتها، والبهائم التي في الجوع قد تستسقي وهي في ربطها.
ومن فوائد الحديث: إثبات الخلق لله لقولها: "إنا خلق من خلقك".
ومنها: التوسل بذكر حاجة الداعي لقولها: "إنا خلق من خلقك ليس بنا غنًى عن سقياك".