ومنها: إثبات الأسباب لقوله: "ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم" الباء للسببية، وإلا معلوم أن السقيا من الله عز وجل لكن الدعاء سبب.
ومنها: الآية التي جعلها الله عز وجل لسليمان حيث كان يعرف منطق النمل، وقصته في سورة النمل معروفة: {حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (١٨) فتبسم ضاحكًا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (١٩)} [النمل: ١٨ - ١٩]. وهذا دليل على أنه فهم ما قالت.
ومنها: أن هذه المخلوقات الضعيفة قد تنطق بكلام فصيح لقولها: "إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك" كلام عظيم تضمن الإيجاد والإمداد، ولا شك في أن هذا الكلام فصيح، وكلام النملة أيضا في القرآن بليغ جدًا؛ لأنه تضمن عدة أمور: {يا أيها النمل ادخلوا مسكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (١٨)} [النمل: ١٨]. ففيه تنبيه وإرشاد وتحذير وتعليل، تنبيه:{يا أيها النمل} إرشاد: {ادخلوا مساكنكم}، تحذير:{لا يحطمنكم سليمان وجنوده}، تعليل:{وهم لا يشعرون}.
فائدة إثبات علو الله وأدلته:
ومن فوائد الحديث: إثبات علو الله، وذكرنا قبل ذلك أدلة علو الله وهي خمسة أنواع وليست خمسة أفراد، الدليل الأول: كتاب الله عز وجل، كتاب الله دل على علو الله من عدة أوجه؛ فمنها: التصريح بذكر العلو مثل قوله تعالى: {وهو العلي العظيم (٢٥٥)} [البقرة: ٢٥٥]. {سبح اسم ربك الأعلى}[الأعلى: ١]. {وهو العلي الكبير}[سبأ: ٢٣]. وأشباه ذلك.
ومنها: التصريح بذكر الفوقية: {وهو القاهر فوق عباده}[الأنعام: ١٨]. {يخافون ربهم من فوقهم}[النحل: ٥٠]. ومنها: التصريح بعروج الأشياء وصعودها إليها مثل قوله: {تعرج الملائكة والروح إليه}[المعراج: ٤]. ومثل قوله:{إليه يصعد الكلم الطيب}[فاطر: ١٠].
ومنها: التصريح بنزول الأشياء منه، كقوله:{يدبر الأمر من السماء إلى الأرض}[السجدة: ٥]. {تنزيل الكتاب من الله}. هذه أنواع من جنس واحد وهو القرآن.
السنة كذلك وهو النوع الثاني من أدلة العلو بجميع صفاته والسنة- كما تعرفون- قول الرسول- عليه الصلاة والسلام- وفعله، وإقراره، وقد اجتمع في العلو قوله وفعله وإقراره.
قوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء". وقال صلى الله عليه وسلم:"ربنا الله الذي في السماء".