الخارجي؟ أنه يحصل بلباسه من النعومة ما لا يليق بالرجال؛ ولهذا حلَّ للنساء.
ويستفاد من هذا الحديث: أن تحريم الحرير ليس كالتحريم الباقي الذي لا يجوز إلا أيضًا، ولهذا أبيح للحاجة؛ لأن الحكة من الجائز أن تزول بغيره، ومن الجائز ألا تزول به أيضًا وهكذا جميع الأدوية يمكن أن يزول المرض بها ويمكن ألا يزول بها؛ ولهذا سهل تحريمه.
ويستفاد من هذا الحديث: جواز لبس الحرير للحكة لقوله: __من حكة كانت بهما))، وهل يشترط أن يكون ذلك في السفر؟ لا؛ هذا القيد بيان للواقع، يعني: أن الترخيص كان في سفر، فلو كان في حضر لم يختلف الحكم، وهذا ما يسمى عند الأصوليين بمفهوم اللقب، مفهوم اللقب هو الذي ليس له تأثير في الحكم فكل ما ليس له تأثير في الحكم فإنهم يسمونه مفهوم لقب لا يختلف فيه الحكم.
سؤال: هل هذا الحكم خاص بعبد الرحمن بن عوف والزبير؟
أجاب الشيخ: لا؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فإن قال قائل: هذا ليس فيه عموم.
قلنا: إن العموم نوعان: عموم لفظي، وعموم معنوي؛ فالعموم اللفظي: أن يوجد لفظ من ألفاظ العموم ورد على سبب خاص فيكون عامًا ولا عبرة لسببه، والعموم المعنوي هو أن نقول: إن العلة التي أبيح من أجلها الحرير لهذين الرجلين عامة وليست خاصة، وهي الحاجة إلى لبسه، فهذا نقول: إنه عموم معنوي، ثم إنه قد سبق لنا قاعدة نافعة في هذا الباب، وهي أنه لا يوجد أحد يخصص بحكم من الأحكام لهينه أبدًا، وإنَّما يخصص من يخصص بالأحكام لوصف كان فيه، أما أن الحكم شرعي هو لهذا الرجل دون غيره فهذا لا يمكن؛ لأن الأحكام الشرعية مربوطة بعللها ومعانيها، والأشخاص ليسوا عللًا ومعاني، إلا أنه يرد على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيار حيث ضحى بشاته قبل صلاة العيد يريد أن تكون هي أول ما يؤكل في البيت، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: من ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، وأمر من ذبح قبل الصلاة أن يذبح مكانها أخرى، قال: يا رسول الله، أن عندي عناقًا هي أحب إلي من شاتين أفتجزئ عني؟ قال:((نعم، ولن تجزئ عن احد بعدك)). أليس في هذا دليلٌ على التخصيص؟ نقول: نعم عند بعض أهل العلم يقولون إن هذا دليل على التخصيص العيني دون الوصفي؛ لأنه قال:((ولن تجزئ عن أحد بعدك))، لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن المراد بالبعدية هنا أي: بعد حالك، وأنه لو وجد إنسان على الوصف الذي وقع لأبي بردة فإنه يحل له أن يضحي بعناق، يعني: لو ضحى إنسان بشاته قبل الصلاة جهلًا ثم لم يكن عنده إلا عناق