فإننا نقول: تجزئ عنك في هذه الحال استدلالًا بحديث أبي بردة، وما ذهب إليه شيخ الإسلام لا شك في أنه خلاف ظاهر اللفظ، ولكن المعنى الذي نعلمه من الشريعة أن أحكامها معللة بالمعاني والأوصاف دون الأشخاص يرجح ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فتكون الشريعة ليس فيها تخصيص حكم لشخص بعينه.
فإن قلت: هذا ينتقض بالخصائص التي ثبتت للرسول صلى الله عليه وسلم؟
فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص بخصائص؛ لأنه رسول الله، هذه الخصائص علِّقت بوصف وهو الرسالة، ولا يشاركه أحد في هذا الوصف؛ لأنه- عليه الصلاة والسلام- كان خاتم النبيين فتبين أن هذا الحديث يعم من سوى عبد الرحمن بن عوف والزبير.
وبقي أن يقال: إذا احتيج إلى لبس الحرير لغير الحكة آخر فهل يجوز؟
الجواب: أنه يجوز؛ لأن القياس في الشريعة الإسلامية أحد الأصول يستدل بها في الأحكام، فالأصول التي يستدل بها في الأحكام: الكتاب والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح، وهذا الذي تكلمنا عليه يسمى التخصيص بالحكم، ولكن هناك تخصيص بالفضيلة ممكن أن يخص أحد من الناس بفضيلة لا يشاركه أحد فيها، مثل: أبي بكر والخلفاء من بعده، هذه الفضائل غير الأحكام، لكن الأحكام التي هي مناط التكليف هذه ما أحد يختص بها دون الآخر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي لمَّا خلفه في أهله في غزوة تبوك:((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)). هذه الخصيصة كون الرسول صلى الله عليه وسلم يخص علي بن أبي طالب من بين سائر أهله وأصحابه أن يكون خليفة في أهله هذه ما تدل على أنه انفراد بحكم من الأحكام، وكذلك:((لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسوله ويحبهم الله ورسوله كثير.
جواز إهداء الحرير للرجال لا ليلبسوه:
٥٠١ - وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: ((كساني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حلَّةً سيراء، فخرجت فيها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي)). متَّفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلم.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أفضل آل البيت لقرابته من الرسول، أو لما يتصف به من الخصال؟ لهما كليهما، وما فضِّل على آل البيت لقرابته، بل لما كان له من الصفات الحميدة، ولو قلنا: إن فضله لآل البيت من أجل القرابة لكان العباس أفضل منه؛ لأن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم والعم أقرب إلى ابن أخيه من ابن العم إلى ابن عمه، ولكن عليًّا رضي الله عنه تميز بخصائص من