الفضيلة لا يشاركه فيها العباس، ولهذا نعرف أن أبا بكر وعمر وعثمان امتازوا بالفضيلة على علي بن أبي طالب، وإن كان هو أفضل منهم بالقرب؛ لأن مدار الفضائل الأصلي هو الأشياء التي يتخلق بها والقرابة إلى ذلك، لاشك أن لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم حقًا على أمته؛ ولهذا الذين ليسوا بمؤمنين من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم يجب علينا أن نكرههم وألا نولي لهم المحبة، وذلك لنهم أعداء لله وأعداء للرسول، ونوح- عليه الصلاة والسلام- قال الله له عن ابنه:{إنَّه ليس من أهلك}[هود: ٤٦]. ولهذا آل الرسول صلى الله عليه وسلم أو قرابته الذين لا يؤمنون به ليسوا من أهله.
يقول:((كساني حلَّة سيراء)) يجوز حلة سيراء بالقطع عن الإضافة وتجوز الإضافة، فيجوز أن نقول:((حلَّة سيراء)) ويجوز أن نقول: ((حلَّة سيراء)).
على الوجه الأول نقول:((حلة)) مفعول كسا الثاني، والمفعول الأول الياء، وحلة مضاف، وشيراء مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه لا ينصرف، والمانع من الصرف ألف التأنيث الممدودة، وعلى هذا فتكون الإضافة على تقدير:((من))، و ((السيراء)) هي: بردة فيها أعلام من الحرير؛ يعني: خطوط من الحرير تشبه السيور؛ ولهذا سميت سيراء من السيور.
أما على الوجه الثاني فنقول:((حلة)) مفعول كسا الثاني منصوب بالفتحة الظاهرة، وسيراء صفة لحلة، وصفة المنصوب منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره، وإذا أردنا أن نحول سيراء إلى حرير نقول:((حلة حرير)) أو ((حلة حريرًا)) فإذا جاءك ((حلة حريرًا)) فإنها إما أن تكون صفة، وإما أن تكون عطف بيان؛ لأنها بينت نوع هذه الحلة.
وعلى كل حال: فما هي الحلة؟ الحلة قالوا: إنها الإزار والرداء، وقيل: الثوبان المترادفان مطلقًا، فكل ثوب فوقه ثوب فهو حلة، أو أنه الإزار والرداء، وأما السيراء فهو الحرير.
يقول:((كساني، فخرجت فيها))، لبسها رضي الله عنه وخرج، ((فرأيت الغضب في وجهه))، أولًا هذه الجملة فيها إيجاز بالحذف، وما هو الإيجاز بالحذف؟ أن يكون في الجملة شيء محذوف دل عليه السياق، ما هو الشيء المحذوف الذي دل عليه السياق. ((فرآني فرأيت الغضب في وجهه)) الرؤية هنا بصرية، وقوله:((رأيت الغضب)) أي: أثر الغضب؛ لأن الغضب محله القلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إنه جمرة يقيها الشيطان في قلب ابن آدم)). لكنه يظهر على الوجه فيحمر الوجه وتنتفخ الأوداج وربما تقف الأشعار؛ أي: يقف شعر الإنسان من شدة الغضب.
((فشققها بين نسائي)) يعني: شققت هذه الحلة، وفي رواية مسلم:((أنه جعلها خمرًا)) جمع خمار، أي: جعلها لنسائه، لكن في بعض روايات الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إليه بالحلة