للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوب واحد)) يعني: يوزع الثوب الواحد على الرجلين، وإذا أنزلهما في اللحد قدّم الأكثر قرآنًا.

وقوله: ((ولم يغسلوا)) يعني: ما غسلهم أحد لا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بعدم أمره، وقوله: ((ولم يصلِّ عليهم)).

كذلك فإن قلت: ألم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في آخر أيام حياته خرج إلى شهداء أحد وصلى عليهم.

فالجواب: أن الصلاة التي صلاها على شهداء أحد في آخر حياته ليست هي الصلاة على الميت؛ لأن الصلاة على الميت إنما تكون متى؟ عند موته، ولكن الصلاة التي صلاها على شهداء أحد في آخر أيام حياته قال أهل العلم: إنها صلاة دعاء كالمودع لهم صلى الله عليه وسلم.

يستفاد من هذا الحديث: جواز جمع الرجلين في لحد واحد، ولكن هذا عند الحاجة، والحاجة قد تكون كثرة الموتى وتعب الأحياء في حفر القبور، وقد تكون الحاجة لعدم قدرة الإنسان على الحفر مثل لو كان الميت رجلين ونحن في بر وليس معنا آلات نحفر بها فإنه بلا شك يشق علينا أن نحفر لكل واحد قبرًا، وإن لم يكن الأموات كثيرين، المهم متى دعت الحاجة إلى ذلك جاز.

وهل دفن الرجلين في لحد واحد حرام أو مكروه؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أنه حرام، وذهب آخرون إلى أنه مكروه، فالمشهور من المذهب أنه حرام إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، واختار شيخ الإسلام أنه يكره إلا لحاجة، وعلى هذا فما يوجد الآن في بعض البلاد الإسلامية يجمع بين الأموات جميعًا يحمل على أن ذلك على سبيل الحاجة، وأن الحكم عند هؤلاء العلماء الذين أفتوهم به على سبيل الكراهة.

ومن فوائد الحديث: فضيلة القرآن لقوله: ((أيهم أكثر أخذًا للقرآن)).

ومن فوائده: أن المعتبر بالأقرأ الأكثر قراءة، فيؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، يعني: أكثرهم قراءة بدليل هذا الحديث أنه قدمه لكثرة قراءته، وبدليل حديث مالك بن الحويرث: ((وليؤمكم أكثركم قرآنًا)).

ومن فوائد الحديث: ما أشرنا إليه قبل قليل، وهو أن الشهيد لا يغسل، والحكمة من ذلك إبقاء دمه عليه؛ لأنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا: اللون لون الدم، والريح ريح المسك.

وهل يستفاد منه: أن ينبغي إبقاء أثر العبادة المكروه عند الناس أو لا؟ الجواب: قال بعض العلماء ذلك؛ ولهذا قالوا: ينبغي للمعتكف أن يخرج يوم العيد غير متجمل، يخرج بثياب اعتكافه،

<<  <  ج: ص:  >  >>