٥٣٢ - وعن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: "سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفعهم الله فيه"، رواه مسلم.
قوله: "ما من رجل مسلم يموت" كلنا يعلم أن "ما" من حيث الإعراب نافية، وأن "من" حرف جر زائد، يعني: زائد لفظًا زائد معنى، يعني: يزيد في المعنى وهو التوكيد، وقوله: "رجل" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و"مسلم" صفة له على لفظه، ويجوز أن نقول: "ما من رجل مسلم" على المحل، كما هي في قوله تعالى:{أعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، {ما لكم من إله غيره}[الأعراف: ٦٥] فهو صفة على اللفظ وعلى المحل، وقوله: "يموت" هل هي صفة أو خبر؟ إذا لت: ما رجل يموت هل تم الكلام؟ لا، لكن عدم تمام الكلام من حيث المعنى لا يدل على أنه لم تتم أركان الجملة، ولننظر إلى قوله: "فيقوم" هذه معطوف على "يموت".
قوله: {على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه" هذا الخبر، وقوله:"رجلاً" تمييز، لاشي شيء؟ لـ "أربعون" أي: عدد، وقوله:"غلا شفعهم" أي: قبل شفاعتهم فيه، هذا المراد بالتشفيع يعني: يقبل شفاعتهم.
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إنه لا يموت رجل مسلم فيقول على جنازته أربعن رجلاً قد سلمت قلوبهم من الشرك فيدعون الله له إلا قبل الله شفاعتهم فيه فقوله: "ما من رجل مسلم" خرج به الكافر، الكافر لو صلى عليه ألف رجل ما نفعته صلاتهم عليه، بل إنه لا يجوز أن يصلى أحد من المسلمين على الكفار؛ لقوله الله تعالى:{ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله}[التوبة: ٨٤] الكافر لا يجوز للمسلم أن يصلى عليه.
وقوله: "أربعون رجلاً لا يشركون بالله" هل المراد بنفي الشرك: ما يتناول الأصغر والأكبر أو هو بالأكبر فقط؟ نقول: ما يتناول الأصغر والأكبر، لأن الذين قاموا عليه لو كانوا مشركين شركًا أكبر ما صحت صلاتهم أصلاً، ولكن المراد: أنهم لا يشركون أصغر ولا أكبر، وما أعظم هذا الشرط، لأننا لو طبقناه على كثير من الناس لوجدنا أنهم خالون من هذا الشرط فما أكثر المرائين، وما أكثر الذين يحلفون بغير الله (عز وجل)! وما أكثر الذين يتعلقون بأسباب لم يجعلها الله سببًا لا شرعًا ولا قدرًا .. إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأكبر! ! هذا ولا بد أن يكون القائم على الجنازة حاليًا من الشرك صغيرة وكبيرة، لأن من كان مشركًا لا يليق أن يكون شافعًا، كيف