للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كرامة، قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "ولا يقعد على تكرمته في بيته إلا بإذنه" فـ "أكرم نزله" يعني: أجمل نزله، أي: ضيافته كريمة، وهذا يراد به: كثرة الثواب من الله (عز وجل) لهذا الميت.

ووسع مدخله أو مدخله؟ إن كان من أدخل فهو مدخل، وإن كان من دخل فهو مدخل قال الله عز وجل {رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} [الإسراء: ٨٠]، وقال تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلهم مدخلاً كريمًا} [النساء: ٣١] لأنها من الرباعي على وزن "مفعل"، وأما إن كانت من الثلاثي فهي على وزن "مفعل": مدخل، وهذا نقول في "مقام" و"مقام" من الثلاثي مقام، ومن الرباعي مقام، قال الله تعالى: {وإذا قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم} [الأحزاب: ١٣] لأنه مأخوذ من أقام في المكان فهو رباعي، وقال تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} [الإسراء: ٧٩]، من قام يقوم وذلك في يوم القيامة، لأن يوم القيامة أيضًا محل عبور، إذن نقول: مدخله، فمدخله من الرباعي، ومدخل هذا الثلاثي، ومدخل: مكان الدخول، ما معني مدخله؟ يعني به: القبر؛ لأن المكان الذي يدخل فيه الإنسان، فوسعه يعني: أجعله واسعًا فسيحًا، فهو يوسع، ولكنه توسيع غيبي لا توسيع محسوس، وإلا لو أننا دفنا إنسانًا في قبر سعته المحسوسة مائة ذراع وليس من أهل الجنة أي: ليس من المؤمنين لا ينفعه هذا، ولو دفنا الإنسان بالتراب بدون لحد وصار التراب محيطًا به من كل جانب وهو من أهل الإيمان وسع له، فالمراد: التوسعة الغيبية التي هي خاصة بالحياة البرزخية، وهذه لا نعلم عنها إنما يعلم عنها الميت إذا مات، ولكننا علمنا عن طريق النبي (صلى الله عليه وسلم) الثابت بالوحي.

"واغسله بالماء والثلج والبرد" بتنقيته من الذنوب وإزالة أوساخها، واختير الثلج والبرد، لأن هذا هو المناسب، إذا إن أثارها العقوبة بالنار وهي حارة، فناسب أن تقابل بماذا؟ بماء وثلج وبرد.

"ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس" يعني: بعد الغسل يكون نقيًا من الخطايا والذنوب، كما ينقي الثوب، "الكاف" هنا للتشبيه، و"ما" مصدرية، وعلى هذا فيسبك الفعل بعدها معها بمصدر، أي: يحول إلى مصدر فيقال: كنتقيه الثوب الأبيض من الدنس، وقوله: " الأبيض" دون غيره، لأن ظهور الوسخ في البياض أكثر، فإذا كان الثوب أبيض وليس فيه وسخ علم أنه نظيف جدًا، لكن لو كان عليك ثوب أسود وفيه أوساخ لكنها قليلة وليست كثيرة، لا تظهر؛ فلهذا وصف الثوب باللون الأبيض، "من الدنس" أي: الوسخ الحسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>