لو صبيت الماء عليها لغسلها قبل أن تحتها ازداد اتساع النجاسة وصارت قد زادت مع الطين بلة فلذلك نقول: لابد من الحت أولا.
وهل يقاس عليها مثلها في النجاسة؟ الجواب: نعم، العذرة مثلا لابد أن تحتها أولا، ثم تغسل المكان، وفي هذا رد لما اشتهر عن بعض الناس أن دم الحيض لا يتجمد، وأن دم الاستحاضة يتجمد، وعللوا ذلك بأن دم الحيض انفجار البويضات في الرحم، ثم يتسرب الدم فتكون قد تجمدت أولا، فإذا خرجت فإنها لا تتجمد، لكن ظاهر هذا الحديث "تحته" يدل على أنه يتجمد فليراجع هذا الموضوع، وكنت بالأول مقتنعا بأن هذا هو الفرق بين دم الاستحاضة، ودم الحيض مع الفروق التي ذكرها الفقهاء، لكن هذا الحديث يمنع الاقتناع بهذا الرأي.
ومن فوائد هذا الحديث أيضا: التدرج في إزالة النجاسة لقوله: "ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه".
سؤال:
- هل قيء الغلام كقيء الجارية؟ نعم، كلاهما طاهر.
بقي علينا من فوائد حديث أسماء بعض الفوائد ذكرنا أن من الفوائد: أن قولها: "تحته" يرد على بعض المعاصرين من الأطباء الذين يرون أن دم الحيض لا يتجمد، ولكن قال لي أحد المحاضرين ممن هو عالم بالطب: إنه ليس يتجمد لكن يكون له بقية، بمعنى: أنه ليس كالماء إذا يبس ليس له أثر، فله أثر يمكن أن يحت، وبناء على ذلك يعني هو أكد أن ما قاله الطبيب المعاصر أنه صحيح، يعني: أن دم الحيض لا يتجمد لكن إذا يبس فلابد أن يكون له جسم وليس كالماء إذا يبس، وعلى هذا فلا يكون في الحديث معارضة له؛ لأن ما كان كذلك يمكن أن يحت.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه عند إزالة النجاسة ينبغي ألا يكثر الصب - صب الماء- لأنه إذا أكثر الصب والنجاسة باقية بعينها يترشش عليه الماء، ثم يلوث لكن يأتي بغسله شيئا فشيئا من أجل ألا يصب عليه الماء الكثير إلا بعد أن تزول عين النجاسة، ولا يبقى إلا الأثر الذي لا يزيله إلا الماء.
ومن الفوائد: أن النجاسة لا تزال إلا بالماء لقول: "ثم تقرصه بالماء"، وهذا ما عليه أكثر العلماء أنه لا تزال النجاسة إلا بالماء، ولكن القول الراجح أن النجاسة تزال بكل ما يزيلها من ماء أو حت أو دلك أو غير ذلك، لكن الأحاديث الواردة في الماء إنما كانت كذلك؛ لأن الماء في ذلك الوقت هو أيسر ما يمكن أن تزال به النجاسة.
ومن فوائد هذا الحديث أيضا: أن إزالة النجاسة من الثوب الذي يصلي فيه شرط لصحة الصلاة لقوله: "ثم تصلي فيه" فإن ظاهره أنها لا يمكن أن تصلي فيه حتى تفعل ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.