شواهد تدل على أن له أصلًا، وأنه ينبغي لمن حضر الدفن أن يحثو عليه ثلاث مرات من أجل أن يشارك في الدفن؛ لأن دفن الميت فرض كفاية، فإذا شاركتهم ولو بهذا الجزء اليسير كنت مشاركًا في الدفن الذي هو فرض كفاية.
وقوله:"وهو قائم" هـ هذه الصفة طردية، أو صفة مقصودة؟ الطردي: هو الذي حصل اتفاقًا، وإذا قلنا: إنها صفة مقصودة فإنه يكون الذي يحثو قائمًا لا قاعدًا ومن المعلوم أنه عندما يريد أن يحثو لابد أن ينزل يديه وينحني، ولكن هذا لا ينافي أن يكون قائمًا، المهم: أنه يحثو بدون أن يجلس.
استغفار الحي للميت بعد الدفن:
٥٥٥ - وعن عثمان رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميِّت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التَّثبيت، فإنَّه الآن يسأل". رواه أبو داود، وصحَّحه الحاكم.
قوله:"كان .... إلخ" يحتمل أن يكون هذا في دفن باشره النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن نقول:"إذا فرغ" يعني: فرغ الناس؛ لأنهم يدفنون بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الشيء بأمره صار كأنه هو الفاعل.
وقوله:"وقف عليه" كيف ذلك وقد مر علينا النهي عن القعود على القبر؟ وقف عليه يعني بجانبه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن توطأ القبور ولكن بجانبه، ولم يحدد في الحديث أين كان الموقف، ولكن الذي يظهر أنه يكون عند رأسه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقف في الصلاة عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، لكن الوسط هنا بالنسبة للمرأة قد زال سببه، فيقف عند رأسه ولا يزاحم إذا تيسر وإلا فعند وسطه أو عند قدميه، المهم: أن يقف عنده.
وقال:"استغفروا لأخيكم" أي: اسألوا له المغفرة، وما هي المغفرة؟ ستر الذنب والتجاوز عنه، وما صورة ذلك؟ أن نقول:"اللهم اغفر له" بدليل قوله تعالى: {والَّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا الَّذين سبقونا بالإيمان}[الحشر: ١٠]. وبدليل قوله تعالى:{الَّذين يحملون العرش ومن حوله يسبِّحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للَّذين آمنوا ربَّنا وسعت كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا}، هذه صيغة دعائهم:{فاغفروا للَّذين تابوا}[غافر: ٧]. وعلى هذا فالاستغفار للشخص أن تقول:"اللهم اغفر له"، ولو قلت:"أستغفرك اللهم ربي لفلان" يجوز؛ لأنه طلب المغفرة، لكن الصيغة الأولى أولى.