للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام} [آل عمران: ١٩]. يدخل فيه الإيمان، وكذلك قوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد: ١٩]. يدخل فيها المسلمون، أما إذا قرنا فإن الإيمان شيء والإسلام شيء آخر، والجواب عن الآية الكريمة في قصة لوط: {فأخرجنا من كان فيها .... } الآية. أن الله لم يقل: "فما وجدنا فيها غير المسلمين"، قال: "غير بيت من المسلمين"، وهذا صحيح، فإن بيت لوط بيت إسلام؛ لأن امرأة لوط لم تكن تعلن الكفر كما قال تعالى: {فخانتاهما} أي: تظهر أنها مسلمة، فالبيت بيت إسلام، لكن الذي نجا: المؤمن من هذا البيت.

ويستفاد من الآية فائدة عظيمة جدًّا: وهي أن ما غلب عليه حكم الإسلام فهي بلد إسلام وإن كان فيها كفار ولو كثروا.

وقوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" يستفاد منه: أن الحي سيموت، ولكن لهذه الجملة غرض وهي تذكير الإنسان نفسه بمآله وأنه سيلحق بهؤلاء الأموات، ففيه تعليق بالمشيئة سيأتي إن شاء الله.

ذكرنا من قبل قوله: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين" ذكرنا أنه قال: "من المؤمنين والمسلمين"؛ لأن الأموات في الواقع منهم مؤمن ومنهم مسلم، فكامل الإيمان مؤمن المحافظ على ما أمره الله والمبتعد عما نهى الله، ومن كان دون ذلك فهو مسلم، ولا شك أن في المقابر من هو مؤمن ومن هو مسلم؛ ولهذا قال: "من المؤمنين والمسلمين"، قال: "وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون"، و"إنا" الضمير يعود على نفس القائل، أو عليه وعلى الأحياء الذين معه إن كان معه أحياء، أو من على الأرض الآن، المهم: أن هذا الضمير الذي هو ضمير المعظم نفسه أو ضمير ممن معه غيره صالح لهذا ولهذا.

وقوله: "إن شاء الله بكم لاحقون" هذا التعليق على جملة خبرية؛ لأن "إنا لاحقون" جملة خبرية ليس فيها إشكال، وهي جملة أيضًا معلومة متيقنة كلٌّ سيموت، فلماذا جاء التعليق "إن شاء الله"؟ اختلف العلماء في الجواب عن هذا، فقيل: إنه لمجرد الامتثال لقوله تعالى: {ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ ذلك غدًا (٢٣) إلَّا أن يشاء الله} [الكهف: ٢٣]. وهذا القول فيه نظر؛ لأن قوله: {ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ} إنما هو بالنسبة لما تفعله أنت، أما الموت فليس من فعلك وهو متحقق، لكن ما تفعله وهو مستقبل لا تقل: إني فاعله وتجزم أنك ستفعله؛ لأن الأمر بيد الله، فقل: إن شاء الله.

وقيل: إنها قيلت للتبرك، وهذا أيضًا فيه نظر؛ لأن مجرد التبرك بمثل هذا التعبير لا وجه له.

وقيل: إنها ذكرت تعليقًا بناء على الحال أو المكان، الحال يعني: أنتم متم على الإيمان والإسلام، فأقول: إن شاء الله باعتبار أنني أموت على ما متم عليه لا تعليقًا للموت؛ لأن الموت

<<  <  ج: ص:  >  >>