هذا يدل على أن الذهب أثقل من الفضة، إذن نصاب الذهب كم يساوي؟ عشرين مثقالا، ولهذا قال:"حتى يكون لك عشرون دينارًا".
وقوله:"وحال عليها الحول" هذه الجملة في موضع نصب على الحال، أي: وقد حال عليه الحول، ليس عليك في المذهب زكاة حتى يكون لك عشرون دينارًا وقد حال عليه الحول، واشتراط الحول كما سبق.
فإن قلت: ما هي الحكمة من اشتراط الحول؟ لماذا لا نقول: يجب على الإنسان أن يؤدي الزكاة بمجرد ما يملكها؟
فالجواب: إنما يجب ذلك رفقًا بالمالك؛ لأن الأصل أن الزكاة إنما تجب في الأموال النامية، والنمو لا يقدر زمن معين، لكن لا بد أن يكون له زمن فلو اعتبرنا الحولين لكن أضررنا بأصحاب الزكاة، ولو قلنا بالشهر لكنا أضررنا بصاحب المال، فكان المعنى المناسب أن يكون مقدرًا بالحول.
قال:"ففيها نصف دينار" إذا قسمنا عشرين على أربعين يساوي ربع العشر فما زاد فبحساب ذلك ولو قليلًا، ففي مائتي درهم ودرهم خمسة دراهم وربع عشر الدرهم، وهذا بخلاف زكاة السائمة فإن زكاة السائمة ليست كذلك.
قال:"وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول"، كلمة "في مال" هذه نكرة يراد بها الخصوص في مال أي زكوي، والأموال الزكوية سبق لنا بيانها أيضًا، يُراد من الأموال الزكوية أشياء خاصة ليست كلها؛ لأن الخارج من الأرض الذي سميناه الحبوب والثمار لا يُشترط فيه الحول:{وءاتوا حَقَّه، يوم حصاده}[الأنعام: ١٤١]. فلو أن الإنسان بذر حنطة وبقيت ستة شهور ثم حصدها فيزكيها، الآن فحينئذ صار في المال تخصيصان:
أولًا: يخصص من عمومات المال بأن المراد به المال الزكوي.
ثانيًا: حتى المال الزكوي ليس كل مال زكوي ليس فيه زكاة حتى يحول الحول؛ لأننا نستثني الحبوب والثمار، فإن زكاتها حين جذاذها وحصادها.
٥٧٨ - وللتِّرمذيِّ؛ عن ابن عُمَرَ رضي الله عنه:"من استفاد مالًا، فلا زكاة عليه حتًّى يحول عليه الحول". والرَّاجح وقفه.
هذا الحديث يقول:"من استفاد مالًا"، "استفاد" أي: جاءه فائدة، "فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول". وقوله:"مالا" نكرة في سياق الشرط فهو للعموم لكنه عام أريد به الخاص، ما الذي أريد به؟ المال الزكوي غير الثمار والحبوب.