عليه العقد، أما ما بعد العقد فإنه نماء للمشتري كما سيأتي في كتاب البيوع، وإنما قدره الشارع بصاع قطعًا للنزاع وصار من التمر؛ لأن التمر أقرب ما يكون شبهًا باللبن لحلاوته والتغذي به، المهم: أن النصاب من الحبوب والثمار ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ما دون ذلك فليس فيه صدقة، وهل نقول:"إلا أن يشاء ربه"؟ الجواب: نعم نقول: إلا أن يشاء ربه، يعني: على أن يتصدق منه لا على أنها زكاة فلا يمنع.
والحديث الثالث: عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا" العشر". هذه جملة خبرية سبق فيها الخبر على المبتدأ، الخبر هو قوله: "فيما سقت السماء"، والمبتدأ قوله: "العشر". "وفيما سقي بالنضح نصف العشر"، "بالنضح"؛ أي: بالسواني، وشبهها نصف العشر، يعني: واحد من عشرين، والأول العشر واحد من عشرة.
ولأبي داود: "إذا كان بعلًا العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر". ففي هذا الحديث بيان مقدار الواجب لا مقدار ما فيه الواجب؛ لأن مقدار ما فيه الواجب سبق في حديث أبي سعيد وجابر، لكن هنا بيان مقدار الواجب، فما هو الواجب في الحبوب والثمار إذا بلغت النصاب؟ الواجب يختلف "إذا كان بعلًا" يشرب بعروقه أو كان يشرب بالمطر أو كان يشرب بالعيون الجارية وكذلك بالأنهار فهذا فيه العشر كاملًا؛ لأن المؤنة فيه قليلة ليس على مالكه إلا أن يصرف الماء إذا كان يسقى بالعيون أو يسقى بالأنهار، وأما ما كان يسقى بمؤنة بمعنى: أنه يحتاج في استخراج الماء إلى مؤنة عند السقي هذا فيه نصف العشر، يعني: واحدًا من عشرين لكثرة المؤنة والتعب عليها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء"، "ما" هذه عامة في النوع والقدر "فيما سقت"، فيقتضي وجوب الزكاة في كل ما سقته السماء، أو الذي سقي بالعيون، أو كان بعلًا يشرب بعروقه كل شيء التمر، والحبوب، والبطيخ، وكل شيء لأنه شامل، "فيما" عام في قدره، "فيما سقت السماء" يقتضي لو أن الإنسان ملك من البعل مائة صاع من البر لوجب عليه الزكاة، لأنه يصدق عليه أنه كان بعلًا فشرب بعروقه، فهل هذا الحديث على عمومه من الوجهين أي: النوع والقدر؟ الجواب لا، كيف؟ يخصصه حديثي جابر وأبي سعيد في النوع وفي القدر، إذ إن حديثي جابر وأبي سعيد يدلان على أنه ليس فيه زكاة إذا كان دون خمسة أوسق، ويدلان أيضًا على أن الزكاة إنما تجب فيما يوسق ويحمل وهو الحبوب والتمر، وأما ما لا يحمل ولا يوسق كالبطيخ والفاكهة وما أشبه ذلك فليس فيه زكاة، وعلى هذا فالحديث مخصوص بوجهين وهما النوع والقدر.