أما في السنة فقد وردت أيضًا في عدة مواضع تبلغ حوالي ستة مواضع، لماذا رجعنا إلى القرعة وفيها نوع من الميسر؛ لأن الإنسان قد يكون فيها غارمًا؟
نقول: لأنه لما تعذر التمييز على سبيل اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، هذا الحديث يمكن أن يكون من جملة الأصول التي تدل على أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن.
ومن فوائد الحديث: أنه يجب أن يترك لرب المال الثلث أو الربع على حسب ما تقتضيه المصلحة ويقتضيه نظر الساعي؛ لقوله:"فخذوا ودعوا".
ومنها: وجوب أخذ الزكاة من أهل الثمار، وهذه الفائدة قد يكون فيها مناقشة، إذا قلنا:"وجوب"، من أين يؤخذ؟ من قوله:"فخذوا" هذا أمر، ولكن قد يقول قائل: إن المراد بذلك الإباحة، يعني: بيان ما يؤخذ، وليس على سبيل الإلزام، وأن الساعي لو رأى من المصلحة ألا يأخذ الزكاة من هؤلاء بل يبين المقدار ويدع الأمر إلى إيمانهم لكان ذلك جائزًا، ولكن على كل حال إبقاء الحديث على ظاهره وأنه يؤمر بأن يأخذ أولى، لأنه لو لم يأخذ لكان بعث السعاة وتعبهم وعملهم مشقة بدون فائدة.
ومن فوائد الحديث: أن ترك الثلث أو الربع موكول إلى الساعي فيجب عليه أن ينظر نحو الأصلح.
ومن فوائد الحديث: مراعاة الأحوال أنه من الحكمة أن تراعى الأحوال، وهذا شيء مستقر في النفوس، وأن الشرع يراعي الأحوال حتى إنه ليجب على الشخص ما لا يجب على غيره ويحرم عليه ما لا يحرم على غيره، ويلزم بما لا يلزم به غيره حسب ما تقتضيه العلل الشرعية.
ومن فوائد الحديث الأول:"لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف": أن الزكاة لا تجب إلا في هذا الأصناف الأربعة، لأنه قال:"لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف"، وهذا مذهب كثير من أهل العلم أنها لا تجب إلا في هذه الأصناف، ولكن هل هذا الحصر حصر عين أو حصر وصف؟ إن قلنا: إنه حصر عين، فمعناه: أنها لا تجب الزكاة في غير هذه الأربعة فقط فلا تجب في الرز، ولا في الدرة، ولا في الدخن، ولا في غيرها، وإن قلنا: إنها حصر وصف صار ما يماثلها ملحقا بها تجب فيه الزكاة مثل الرز والذرة والدخن وغيرها من الحبوب التي تقتات وتدخر، وذكرنا أن القول الراجح والأحوط هو أن هذا المذكور حصر- وصف لا حصر عين.
ويرى بعض العلماء أنه حصر عين ويقول: إنه لا يجب أن نلزم الناس ونغرمهم في أموالهم بشيء ليس فيه دليل بيان؛ لأن اخذ المال كإسقاط المال، يعني: أخذ المال من الأغنياء وهو لا