الناس فيها على الزكاة، لو قلنا: نبني المدارس، والمساجد، ونصلح الطرق، ونطبع الكتب وما أشبه ذلك، انسدت أبواب الخير في هذه الجهات؛ لأن كل إنسان يقول: هذه للزكاة، ولكن المراد بـ"سبيل الله": أي الجهاد في سبيل الله خاصة.
وقوله:{وفي سبيل الله} هل يشمل المجاهد وعتاده، يعني: سلاحه ودرعه وما أشبه ذلك، أو يختصُّ بالمجاهد فقط؟ الصحيح: أنه يشمل المجاهد وأعتاده واستدل بعضهم لهذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أما خالد فإنكم تظلمون خالدًا فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله". قالوا: وسبيل الله مصارف من مصارف الزكاة، وخصَّ بعض العلماء في سبيل الله بالمجاهدين فقط، فقالوا: يعطى الغازي إذا لم يكن له مال يكفيه من الديوان العام للمسلمين- يعني: بيت المال-، ولا يشتري منها أسلحة، ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن الله لم يقل: وفي المجاهدين، بل قال:{وفي سبيل الله}، فيشمل العتاد والمجاهد، فيعطى المجاهد ما يكفيه من مؤنة، ويشتري له أسلحة أيضًا، وعلى هذا فصرف الزكاة في شراء الأسلحة للمجاهدين في سبيل الله صرف في وجهه ومحله.
ولكن ما هو الجهاد في سبيل الله؟ الجهاد في سيبل الله: هو أن يكون القتال لتكون كلمة الله هي العليا لا لشيء آخر، والذي جاء بهذا الميزان هو أعدل الناس وزنًا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سئل عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه أيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"؛ ولهذا تجد هذا الرجل المجاهد لتكون كلمة الله هي العليا لا يمل ولا يفتر، بل هو دائمًا في عمل وإصلاح وتخطيط وتكتيك- كما يقولون-؛ أما الآخر الذي يقاتل لغير أن تكون كلمة الله هي العليا فتجده يكسل أحيانًا وينشط أحيانًا، وإذا حصل له ما يريد يقول: لا يهمني الباقي فالرجل الذي يقاتل ليحرر بلده لأنها بلده فقط هل هو في سبيل الله؟ لا، هذه قومية، والذي يقاتل لأنه شجاع يقاتل شجاعة، والإنسان الشجاع يجب أن يقاتل دائمًا؛ لأن طبيعته تملي عليه ذلك، هل هو في سبيل الله؟ لا، والذي يقاتل حمية على قومه فهذا أيضًا ليس في سبيل الله.
لكن إذا قال: أنا أقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، سواء في بلدي أو في غير بلدي، فهذا هو الذي في سبيل الله، وهو الذي يستحق من الزكاة.
أما الثامن: فهو ابن السبيل، ما هي السبيل؟ الطريق كما قال الله تعالى:{وأن هذا صراطى مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}[الأنعام: ١٥٣]. هل المعنى ابن الطريق؟