يحتاج إلى قضاء الدَّين الذي كان عليه بسبب شراء بيت، بسبب شراء سيارة، بسبب زواج أو ما أشبه ذلك فهلا يعفى عنه. حينئذٍ نقول: هو غني من وجه، وفقير من وجه؛ يعني: لقائل أن يقول: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "غارم" يشمل الصنفين من الغارمين.
الرابع:"أو غازٍ في سبيل الله"، هذا يعطى حتى ولو كان غنيًّا، لأنه يعطى للحاجة إليه، فهو يحتاج إليه ولو كان غنيًّا فهو يعطى سلاحًا، أو يعطى دراهم يشتري بها سلاحًا، أو يشتري بها نفقة له.
الخامس:"أو مسكينًا تصدق عليه منها، فأهدى منها لغني"، هذا أيضًا ملك الزكاة لغير طريق الزكاة، بأي طريق؟ بالهدية، هذا إنسان فقير أخذ من شخص مائة كيلو بر زكاة وهو فقير فأهدى منها لإنسان غنى من هذا البر لو أن الغنى أخذ هذا البر ممن عليه الزكاة على أنه زكاة لا يجوز، لكن أخذه من الفقير على أنه هدية فجاز مع أنه زكاة. هذه خمسة أصناف بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تحل لهم الزكاة وهم أغنياء.
من فوائد الحديث: تحريم الصدقة على الغني، وظاهر الحديث يشمل الواجبة والمستحبة، ولكن ذكر بعض العلماء أن الصدقة غير الواجبة تحل للغني، لكن الأولى أن يتنزه عنها وأن يقول للمصدق: أعطها من هو أحوج مني.
ومن فوائد الحديث أيضًا: جواز الزكاة للعامل ولو كان غنيًا، لو أراد العامل أن يتبرع بعمله ولا يأخذ فهو محسن، لكن لو أراد أن يأخذ فلا حرج عليه، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عمر حين عمل على الصدقة، فقال: يا رسول الله، أعطه أحوج مني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"خذ، ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك"، العامل عليها ولو كان واحدًا ولو كانوا جماعة، ولو كانوا جماعة من الآية:{والعاملين عليها}[التوبة: ٦٠]. ولو كان واحدًا من هذا الحديث:"لعامل عليها".
ومن فوائده أيضًا: أن الرجل إذا اكتسب لجهة مباحة ثم صرفه إلى شخص يحرم عليه لو اكتسبه بهذه الجهة لكان أخذه جائزًا.
لو أن أحدًا اكتسب المال بطريق محرم وأعطاه لشخص بطريق مباح هل يحل لهذا الشخص؟ فيه تفصيل: إذا كان حرامًا لعينه فهو لا يحل لغيره مثل: خمر، خنزير، كلب وما أشبه ذلك، وكذلك لو علمت أن هذا مال فلان مغصوب، أمّا إذا كان حرامًا لكسبه فإن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: كله لك غنمه وعلى كاسبه غرمه، لأنك إن أخذته بطريق مباح والمال نفسه حلال لم يحرم لعينه، لا لحق الله ولا لحق الآدميين، فقد أخذ بطيب نفس من الباذل، وليس حرامًا لعينه، ولكن الأولى التنزه عن ذلك إلا لمن احتاج، فإن احتاج الإنسان إليه فلا بأس.