للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال الحاجة: أن يكون ولد عند أبيه، وليس له كسب يكتسب به، وأبوه يتعامل بالربا أو كل تعامله بالربا، فهنا الابن في حاجة من أين يأكل؟ فيأكل ولا حرج عليه؛ لأن الحاجة تبيح المكروه، كما قال العلماء: كل مكروه يباح للحاجة، وكل محرم يباح للضرورة، أما إذا كنت محتاج فإنه لا ينبغي لك أن تأكل منها بل تنزه وتورع عن ذلك وإن كان قد دخل عليك بطريق مباح.

ومن فوائد الحديث: فضيلة الغزو، وأنه يعطى الغزاة من مال الزكاة، يتفرع على هذا: أن إعطاء الغزاة من الصدقة من باب أولى، وحينئذ] نقول: هل الأفضل أن تتصدق بالمال على فقير أو تعين به غازيًا في سبيل الله؟ إذا كان هذا الفقير يمكن أن يتضرر بالجوع أو بالعري في أيام الشتاء فلا شك أن دفع ضرره أولى، وكذلك أيضًا الجهاد يختلف قد يكون المجاهدون مضطرين إلى المال، وقد يكون المال من الكماليات السلاح كثير والأطعمة متوفرة وكل شيء متوفر، المهم أن ينظر الإنسان إلى المصلحة في هذا.

ومنه: الإشارة إلى الإخلاص في العمل لقوله: "غاز في سبيل الله"، وهذه أحوج من يكون إليها من الناس أولئك الجنود الذين يعملون في الجيش هؤلاء أحوج- من كل أحد- إلى أن تنفخ فيهم روح الإخلاص؛ لأن المقاتل يعرض رقبته لأعداء الله فإما أن يخسر الدنيا والآخرة، وإما أن يربح إحدى الحسنيين، متى يخسر الدنيا والآخرة؟ إذا لم يخلص لله، إذا كان ينوي بذلك الحمية والقومية وما أشبهها، فإن نية القومية هذه لم يفتحها على المسلمين إلا الكفار أرادوا بالقومية شيئين كما يقولون: "ارم عصفورين بحجر" أرادوا أن يفرقوا المسلمين؛ لأن المسلم غير العربي ما يكون لديه حماسة في معونة العرب المسلمين الذين فصلوا أنفسهم عنه.

وثانيًا: أن يذهب عن المسلمين الغيرة الإسلامية حتى يقاتل لا لدين الله، ولكن للقومية، وبذلك يدخل في هذه الكلمة المسلمون وغير المسلمين، فأخرجوا بها أكثر المسلمين وأدخلوا فيها من ليس بمسلم ممن يكون منغمرًا في القومية؛ ولذلك لم تقم لهم قائمة إلى الآن؛ لأن القتال الذي يمكن أن تقوم له قائمة هو الذي يكون في سبيل الله عز وجل؛ فلهذا يجب أن تبث في هؤلاء الجنود روح الإخلاص ليخلصوا لله عز وجل في قتالهم، فإذا أخلصوا لله في قتالهم أوشك أن ينصروا على أعدائهم.

ومن فوائد الحديث: جواز هدية الفقير، يؤخذ ذلك من قوله: "فأهدي منها لغني".

فإذا قال قائل: كيف يجوز للفقير أن يهدي إذا كان عنده فضل فلا يجوز أن يأخذ من الزكاة؟

نقول: يمكن أن يهدي الفقير، مثال ذلك: اشترى لحومًا زادت عليه، وخاف أن تفسد فأهدى منها، اشترى بطيخًا فخاف أن يفسد فأهدى منه، كان أخذ المال على أنه كفاية سنة، ولكن الأشياء رخصت فسوف يتوفر عنده شيء فيهدي منه، فالحاصل: أن الفقير له أن يهدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>