يمدح بل يذم؛ لأنه خور وجبن من الإنسان المستحيي، وأنت أيضًا إذا استحييت من الحق فمعناه: أنك فوَّت القول بالحق أو فوَّت فعل الحق.
ومن فوائد الحديث: جواز التقبيل للصائم، كيف ذلك؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
فإن قلت: الرسول صلى الله عليه وسلم عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فالجواب: أن هذا أورد على النبي صلى الله عليه وسلم أورده عليه عمر بن أبي سلمة حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم، فقال:"سل هذه"، فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أعلم الناس بالله وأتقاهم لله وأخشاهم له.
إذن هذا الإيراد أجاب عنه الرسول صلى الله عليه وسلم نقول:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر}[الأحزاب: ٢١]. وهل يستحب أن يقبل وهو صائم أو يباشر وهو صائم؟ لا، لكن بعض العلماء كابن حزم رحمه الله قال: إنه يستحب للإنسان أن يقبل وهو صائم؛ لأنه يؤجر على ذلك، وأن يباشر وهو صائم ويؤجر على ذلك، ولكن هذا قول ضعيف جدًا؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا على سبيل التقرب والتعبد، لكنه بمقتضى الجبلة والطبيعة، وما كان كذلك فإنه لا يقال: إنه مستحب، لكن فعله في الصيام يدل على الجواز، نعم لو فرض أن الإنسان فعله ليبين جوازه فهذا قد يقال: إنه يؤجر لا من أجل التقبيل أو المباشرة، ولكن من أجل بيان السنة وتثبيتها؛ لأن الناس قد يقبلون السُّنة بالفعل أكثر مما يقبلونها بالقول، فإذا كان مثلًا رجل عنده ابنه وهو شاب، والأب شيخ كبير قبل زوجته وأبوه يشهده فأخذ الخشبة ليضر به بها، وقال: هذا حرام كيف تقبل امرأتك؟ فعاد مرة أخرى ليبين له الجواز يؤجر بهذا؛ لأنه يريد إظهار السُّنة، ولاشك أن إظهار السُّنة لا سيما في مثل الأمر الذي يستعظمه العامة- وهو ليس بعظيم- لا شك، ولا نقول: يطلب للصائم أن يقبل زوجته كما يطلب له أن يدعو الله ويذكر الله ويقرأ القرآن وما أشبه ذلك.
وفيه دليل أيضًا على أنه لا فرق بين الشاب والشيخ، والدليل: أننا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مما حبَّب إليه النساء، وكان أعطي قوة ثلاثين رجلًا، ولاشك أنه يشتهي النساء، ومع