الناس، وباب منه يخرجون مع الانشراح والهواء وعدم المشقة.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يؤكد قوله بفعله ليطمئن الناس إليه؛ لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بقدح فشرب والناس ينظرون.
ومنها: أن نقل بعض مخالفات الناس للمصلحة لا يعد من النميمة أو الغيبة، والدليل قولهم:"إن بعض الناس قد صام"، ووجهه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الذين بلغوا وإنما أنكر على الذين خالفوا.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز وصف الإنسان بما يكره على سبيل العموم إذا كان واقعًا فيه؛ لقوله:"أولئك العصاة"، هذا على سبيل العموم، ولا شك أن المعصية وصف ذميم مكروه للنفوس، ولكن إذا كان الإنسان مستحقًّا له فلا بأس أن يوصف به، أما أن نقول لشخص معين: أنت عاصٍ فهذا محل تفصيل، إن اقتضت المصلحة ذلك بأن يكون فيه ردع له ولغيره فلنقل له هذا، وإلا فإن الأولى ألا نقول ذلك له مواجهة ومباشرة؛ لأن هذا ربما يثيره فتأخذه العزة بالإثم فيزداد تعنتًا في معصيته وربما ازداد معصية أخرى.
ومنها: أن النفوس مجبولة على تقليد الكبير؛ لقوله:"وإنما ينظرون فيما فعل"، ولا شك في هذا.
ومن فوائد الحديث: جواز الإخبار عما يحصل في العبادات من المشقة لقولهم: "إن الناس قد شق عليهم الصيام"، لا يقال: إن هذه شكوى من مشقة العبادة، بل يقال: إن هذا خبر، وفرق بين الخبر المجرد وبين الخبر الذي يراد به الشكوى؛ ولهذا يجوز للمريض أن يخبر بما يجد، لكن من غير شكوى، مثلًا يقول: كيف أنت؟ يقول: والله البارحة سهلت وتعبت وآلمني كذا، وآلمني كذا، لكن إخبار لا شكوى، ولهذا بعض المرضى يقول: إخبار لا شكوى، وهناك فرق بينهما؛ فإذا أخبرت بأن العبادة شقت عليك لا تشكيًا منها فهذا لا بأس به.
ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه مع أصحابه؛ لأنه شرب هذا بعد العصر والناس ينظرون، كل هذا من أجل التسهيل والتيسير عليهم.
ومنها أيضًا: جواز سؤال الغير حيث لا يكون في ذلك منة على السائل؛ لقوله:"فدعا بقدح"، فإن الإنسان لا حرج عليه إذا كان لا يرى منّة عليه في السؤال أن يسأل، ومثل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سأل أحدًا قال: هات قدحًا هل يعتذر المسئول؟ لا، هذه منّة من الرسول عليه، لكن لو تدعو إنسانًا مساويًا لك تقول: أعطني قدحًا، تجده يغيب ساعتين ويتمهل، هذا الأحسن ألَّا تسأله؛ لأن فيه منّة وفيه إحراجًا، لكن بعض الناس تسأله قبل أن ينتهي الكلام تجده يأتي لك بما تريد، هذا ما يقال: إن سؤاله يعتبر من الذُّل أمام الناس، بل هذا من الأمر المباح الذي سنه