ومجموعًا، وبعض الأيام ينهى عن صومه مفردًا ولا مجموعًا.
ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرًا كاملًا قط إلا رمضان.
هل يؤخذ من الحديث: أن تحريم الزوجة ليس بظهار؟ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى من نسائه شهرًا وأتمَّ الشهر وحرَّم العسل، وأمر بأن يكفر كفارة يمين، وقلنا: إن الصواب: أن التحريم يشمل الزوجة وغير الزوجة، وكفارة تحريم المرأة -الزوجة- كفارة يمين، المهم: أن الواقع أنه لا يمكن أن يؤخذ من هذا الحديث: أن تحريم المرأة ليس بظهار، وجه ذلك: أن يقال: إن من خصال كفارة الظهار صوم شهرين متتابعين، وهذا أيضًا لا يصح، لماذا؟ قد يقال: لو فرض أن تحريم الزوجة ظهار فإن الرسول قد يعتق، ولا يلزم أن يصوم شهرين متتابعين.
يؤخذ من هذا الحديث: ألَّا يصوم في التطوع شهرًا كاملًا، لكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم سنة وتركه سنة، لو أنه صام يومًا أو أفطر يومًا مدى الدهر فهذا أفضل الصيام، ولا يقال: إنك صمت شهرًا كاملًا.
ومن فوائد الحديث: مشروعية إكثار الصوم في شعبان لقولها: "وما رأيته في شهر ... "إلخ، هل يؤخذ منه: بيان ضعف الحديث الذي رواه أبو هريرة: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"؟ نعم، كيف ذلك؟ لأنه كان يكثر الصيام في شعبان، وفيه مناقشة الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل" مع أن عائشة كانت تقول: "إنه كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم"، كيف الجمع؟ حتى لو ثبت عندنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم في شهر المحرم أكثر من شعبان؛ لقلنا: إن عائشة رضي الله عنها حكت ما رأت، ونفي هذه الرؤية لا يمنع رؤية غيرها، لكن لم يثبت عندنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم المحرم كاملًا، بل قال في آخر حياته:"لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"، وهذا مما يرد قول النووي رحمه الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم بفضل المحرم قبل وفاته فلم يصمه. على كل حال: نقول كما قال ابن القيم وجماعة من أهل العلم: إن شهر المحرم أفضل الشهور في الصيام المطلق، وشهر شعبان صوم مقيد؛ لأنه لرمضان بمنزلة الراتبة؛ والرواتب للفرائض أفضل من النوافل المطلقة، وعلى هذا فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر الصوم في شعبان؛ لأنه كالمقدمة بين يدي رمضان فهو كالراتبة له، فيكون رمضان محفوفًا بصيامين: صيام شعبان، وستة أيام من شوال، وأيضًا للحديث هذا ألفاظ أخرى منها:"كان يصومه كله"، وفي لفظ:"كان يصومه إلا قليلًا"، هذا أيضًا يدل على ضعف حديث أبي هريرة المذكور، وأيضًا الإمام أحمد رحمه الله أعله بحديث:"لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين".