بن عباس، قد يكون مثلًا هي تمشي وليس حولها أحد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم والفضل بن العباس، لكن العباس لا يلزم أن يرى وجهها، لأنه قد يكون خلفها الكلام على الفضل، وإذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال.
لكن قد يقول قائل: هذا الاحتمال قائم على أنه ليس حولها إلا النبي صلى الله عليه وسلم والفضل لكنه بعيد؛ لأن الغالب أن الصحابة يلتفون حول النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يكاد الإنسان يجزم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يمشي وحده في هذا المكان، فما الجواب على هذا؟ فيه احتمال أنه لم ير وجهها، وأنه ينظر إلى جسمها كما قلنا في الشرح، المهم أن الحديث فيه احتمالات، فيه احتمال أنها كاشفة الوجه وأن الرسول أقرها، وكونها محرمة لا يبرر لها أن تكشف وجهها أمام الأجانب؛ لأن حديث عائشة يدل على أن المحرمة يجب عليها أن تستر وجهها إذا مر عليها الأجانب، فالحديث فيه احتمال، ولكن القاعدة المعروفة عند أهل العلم أنه إذا كان النص مشتبهًا محتملًا للوجهين وكان تمَّت نصوص أخرى واضحة فإن الواجب حمل المشتبه على الواضح، وقد صرح الله عز وجل بأن في القرآن آيات متشابهات، وبين أن المحكمات التي لا يشتبه فيهن هن أم الكتاب والأم مرجع الشيء كما نقول "أم القرآن"؛ لأنها مرجع القرآن، وكما قيل:
على رأسه أمٌّ لنا نقتدي بها ()
يعني: نرجع إليها، فتكون النصوص المحكمة التي لا اشتباه فيها هي الأم، ويجب رد المشتبه الي المحكم حتي يكون الشيء محكمًا.
فإن قلت: ما هي الحكمة من أن تأتي النصوص بمثل هذا الاشتباه؟ وهل هذا إلا من باب الإشقاق على العباد والإعنات عليهم؟
فالجواب على هذا أن نقول: بل هذا من حكمة الله عز وجل وامتحانه العباد، لأن الذين في قلوبهم زيغ ويريدون أن يضربوا شرع الله بعضه ببعض يتبعون المتشابه، والمؤمنون الراسخون في العلم لا يفعلون هذا، يقولون: آمنا به، فهذا من باب الاختبار والامتحان، وكما يكون هذا في الآيات الشرعية يكون أيضًا في الآيات الكونية بأن تأتي أمور من الآيات الكونية يخفي على المرء الحكمة فيها فيقول لماذا كان كذا؟ ليبتلي الله العباد هل يسلِّمون لقضائه وقدره أو يعترضون قد يوجد رجل طيب ذو أصل وشرف ومروعة يبتلى بآفات بدنية أو بفقر، ويوجد رجل على عكس من ذلك قد أعطاه الله الصحة في جسمه والغنى في ماله، ربما يقول قائل