للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قاصر النظر -: لماذا هذا يعطى هذا المال وهذه القوة وهو رجل ليس له شرف وجاه ومروءة، والثاني بالعكس، المهم أن موقفه من هذا الرضا والتسليم، ويقول: لا يسئل عما يفعل وهم يسألون، ربما يحصل للإنسان شلل ويبقى متعبًا لأهله وهو متعب، فيقول قائل: لماذا يصيبه الله بهذا البلاء أفلا يميته الله عز وجل ويريحه ويريح الناس منه؟ هذا أيضًا من الاختبار، قد تخفي الحكمة علينا حتى في الأمور الكونية اختبارًا من الله عز وجل وابتلاء، وموقف المؤمن من هذا أن يرضى ويسلم ويعلم أن الله له الحكمة فيما فعل، ويقرأ قول الله تعالى: {لا يسئل عمَّا يفعل وهم يسئلون} [الأنبياء: ٢٣].

إذن فهمنا أن هذا الحديث - وإن كان فيه احتمال أنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب - فيه احتمال أنَّ ذلك لم يكن، وإذا لم يكن لم يثبت المدلول، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، ثم على فرض أن الحديث هذا نص في الجواز، فإن غاية ما فيه أن يقال: إنه بالنسبة للمحرمة مشروع ومأمورة به، لكن في غير المحرمة من يقول: إنه جائز، ثم على فرض أن نقول: إنه لو كان حرامًا كشف الوجه لوجب على المحرمة تغطيته لئلا تنتهك المحرَّم وهي في حال الإحرام، والله يقول: {فمن فرض فيهنَّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: ١٩٧]. فنقول: غاية ما فيه أن يدل على الجواز، والقاعدة الشرعية أن الجائز إذا أفضى إلى الشر والفتنة يجب منعه، ولا يخفي على أحد الآن أن كشف النساء وجوههن فتنة ومدعاة للشر والفساد، وأن النساء إذا رخِّص لهن في كشف الوجه لم يقتصرن على ذلك، اذهب إلى البلاد التي يرخص للنساء فيها كشف الوجه انظر ماذا كشفن: الوجه والرأس والعنق والسيقان، المهم ما اقتصرن على ما رخص لهن فيه؛ ولهذا قال بعض العلماء: يجب عليهن الآن تغطية وجوههنَّ بالاتفاق، وذلك لكثرة الفتن.

من فوائد الحديث: مشروعية تغيير المنكر باليد؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الفضل فجعل يصرف وجهه.

ومنها: جواز التغيير قبل الأمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل يصرف وجهه دون أن يقول له: التفت أو اصرف وجهك، وعلى هذا فينظر الإنسان هل الأصلح أن يأمر أولا، ثم يغيِّر أو أن يغيِّر. أولًا قبل أن يأمر، فيرجع ذلك إلى ما فيه مصلحة.

ومن فوائد الحديث: جواز سؤال المرأة الرجل، وأن صوت المرأة ليس بعورة، وقد ذكرنا هذا.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط في وجوب الحج القدرة البدنية، وأنه يجب على من عنده مال وإن كان غير قادر في بدنه؛ لقول المرأة: "إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت

<<  <  ج: ص:  >  >>