ومن فوائده: أن "نعم" التي هي حرف جواب تقوم مقام الجواب، لقو له:"نعم" يعني: حجي عنه.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي تأريخ ذكر الخطبة أو القضية؛ لقوله:"وذلك في حجة الوداع"؛ لأن فائدتها - لاسيما في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم - هو بيان النسخ أو عدم النسخ.
ومن فوائد الحديث: جواز تسمية الشيء بسببه لقوله: "ذلك في حجة الوداع"، يعني: سبب ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا".
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للسائل أن يذكر جميع الأوصاف التي يختلف بها الحكم حتى لا يحتاج المسئول إلى استفصال.
وهل من فوائده جواز الحج عن الغير بدون إذنه؟ نعم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: هل استأذنته؟ أو هل أذن لك؟ وهل يؤخذ منه جواز حج الإنسان عن غيره وإن لم يحج عن نفسه؟ لا؛ لأن المرأة سيظهر أنها حاجة وهي لا تسأل عن حجها الآن وإنما عن حج مقبل؛ إذن لا حاجة أن يقول لها: أحججت عن نفسك؟ لأنه يغلب على ظنه أن هذا الحج لها، وحينئذٍ لا يكون فيه دليل على أنه لا يجوز حج الإنسان عن غيره حتى يحج عن نفسه، أما الأول فالظاهر أنه واضح أن الإنسان يحج عن غيره وإن لم يستأذنه.
٦٨٢ - وعنه رضي الله عنه:"أن امرأة من جهينة جاءت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ أمِّي نذرت أن تحجَّ، ولم تحجَّ حتَّى ماتت، أفأحجُّ عنها؟ قال: نعم، حجِّي عنها، أرأيت لو كان على أمِّك دينٌ، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحقُّ بالوفاء"(). رواه البخاريُّ.
هذا الحديث أيضًا عن عبد الله بن عباس، قوله:"من جهينة"، هي قبيلة مشهورة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر أين جاءته: هل في الحج أو في المدينة.
قولها:"إن أمي نذرت"، وسبق تعريف النّذر لغة أنه الإلزام، وفي الشرع إلزام المكلف نفسه طاعة لله عز وجل.
وقولها:"فلم تحج حتى ماتت"، يحتمل أن المعنى: فماتت قبل أن يدركها الحج، ويحتمل: أنها لم تحج؛ يعني: أدركها الحج ولكنها لم تحج حتى ماتت، وسيأتي بيان الفرق بين الأمرين.
وقوله:"حجي عنها"، هذا أمر، لكنه أمر بعد السؤال عن الإباحة، والأمر بعد السؤال عن الإباحة للجواز؛ لأن الأمر بعد السؤال عن الإباحة، أما إذا جاء بعد الاستئذان فهو يكون للجواز، لو استأذن عليك رجل في البيت فقلت: ادخل؛ فليس هذا أمرًا بل هو إذن وإباحة، ولو سألك سائل يقول: هل أفعل كذا وهو جائز، فقلت: أنت افعل فهو للإباحة.