للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: "ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مسه الزعفران ولا الورس" للونه أو لريحه؟ لهما جميعًا؛ لأن الرسول نهى الرجال عن لبس المعصفر، والذي مسه الزعفران يكون أصفر لكن إذا كان لبخة ما تشم الثوب كله فإنه يكون النهي عنه من أجل أنه طيب؛ لأن المعصفر إنما يكره إذا كان الثوب كله أصفر، قال: "ولا الورس" ما هو" قال العلماء: إن الورس نبت في اليمن طيب الرائحة، فتكون العلة في النهي عن الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس هي الرائحة، كأنه قال: لا تلبسوا ثوبًا مسه طيب، وظاهر الحديث أننا لا نلبس الثوب الذي مسه الطيب سواء لبسناه قبل أن نحرم وأحرمنا أو بعد أن نحرم، وهذا هو الظاهر؛ ولهذا اختلف العلماء في ارتداء المطيب هل يلبسه المحرم أو لا، أما بعد إحرامه فلاشك أنه لا يلبسه، وأما قبل إحرامه فالمشهور من المذهب أنه مكروه أن يحرم الإنسان في ثوب مطيب، وقال بعض العلماء: إنه حرام ولا يجوز أن يحرم بثوب مطيب، وهذا هو ظاهر الحديث، وعلى هذا فلا تطيب ثياب الإحرام لا بالبخور ولا بالدهن ولا يغيرها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تلبسوا ثوبًا مسه الزعفران أو الورس".

خطأ شائع والرد عليه:

هذا الحديث عبر عنه بعض العلماء فقالوا: "لا يلبس المحرم المخيط"، وقد قيل: إن أول من نطق بهذا إبراهيم النخعي على ما أظن، وإبراهيم النخعي من التابعين، فهذه الكلمة ليست معروفة عند الصحابة، لكن ذكرت أخيرًا فقيل: لا يلبس المخيط، وهذا التعبير في الواقع أولًا أنه لا يؤخذ على عمومه، فإن من المخيط ما يلبس كما لو لبس رداء مرقعًا؛ أي: رداء مكون من أربع قطع فهذا مخيط، وكذلك إزار مرقع فهو مخيط، ومع ذلك فإنه يجوز أن يلبس رداء مرقعًا وإزارًا مرقعًا مع أن فيه خياطة، ثانيًا نقول: كلمة مخيط توهم أن كل ما فيه الخياطة فهو حرام، ولهذا يسأل العوام كثيرًا عن النعال المخروزة ويقول: كيف نلبس نعلًا مخروزة وهي فيها خياطة؟ فنقول: هذا الذي يريده العلماء غير الذي تفهمونه أنتم، هم يريدون الثياب المفصل على البدن سواء مخيط أو منسوج ولا يريدون ما فيه الخياطة؛ ولذلك أباحوا -رحمهم الله- النعال وأباحوا الشيء الذي يحمل فيه النفقة والمنطقة وما أشبهها مع أنها مخيطة يعني: فيها خياطة؛ ولهذا لو أن الإنسان إذا أتى على ذكر هذا المحظور من محظورات الإحرام ذكر ما جاءه به السنة لكان أولى وأبين وأسلم به؛ لأن كونه يعبر ما جاءت به السنة لاشك أنه لديه حجة أما الله عز وجل، لكن كونه يعبر بلبس المخيط الموهم للناس خلاف ما يراد هذا قد يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>