حديث الصعب ناسخ لحديث أبي قتادة؛ لأن حديث الصعب كان في حجة الوداع، وحديث أبي قتادة في عمرة الحديبية وبينهما أربع سنوات، ومعلوم أنه إذا تعارض حديثان ولم يمكن الجمع بينهما فإننا نعدل إلى النسخ، والنسخ هنا محقق؛ لأنه متأخر، والجمع على هذا القول متعذر، فيقولون: إذن إذا أهدى للمحرم لحم صيد حرم عليه مطلقًا قالوا: ويؤيد قولنا أن الله قال: {وحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}[المائدة: ٩٦].
والصيد هنا بلا شك بمعنى المصيد وليس اسم مصدر أو مصدر صاد بصيد صيدًا، لا يصح أن يكون مصدرًا لماذا؟ لأن البر لا يصاد، لو قلنا: حرم عليكم صيد البر ما استقام إذا جعلنا البر مصدرًا إذ إن البر لا يصاد، فالصيد هنا بمعنى المصيد اسم مفعول بمعنى مصيد البر حرم عليكم، وظاهره أنه حرام على المحرم سواء صاده أم لم يصده، فقالوا: إذن نأخذ بحديث الصعب بن جثامة؛ لأنه متأخر فيكون ناسخًا؛ ولأنه متأخر فيكون ناسخًا؛ ولأنه يقويه ظاهر القرآن، وعلى هذا فإذا جاءنا رجل ونحن محرمون بلحم أرنب أو غزالة أو حمامة وإن كان لم يصده من أجلنا فإننا نرده ونبين له السبب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يمكن أن نقول بالنسخ مع إمكان الجمع، وإمكان الجمع هنا حاصل مؤيد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم"، فكيف إمكانه؟ بأن يحمل حديث الصعب بن جثامة بأنه صاده للرسول صلى الله عليه وسلم، وأما حديث أبي قتادة فقد صاده أبو قتادة لنفسه، وهذا جمع حسن، ويؤيده حديث جابر:"صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم"، وإذا أمكن المع وجب الرجوع إليه؛ لأن به العمل بكلا الدليلين.
إذن يستفاد من هذين الحديثين عدة فوائد: الأولى: جواز أكل المحرم الصيد إذا لم يصد له ولم يكن له أثر في صيده لحديث أبي قتادة.
ثانيًا: ورع الصحابة -رضي الله عنهم-
ثالثًا: جواز تجاوز الميقات بلا إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة لحديث أبي قتادة رضي الله عنه.
رابعًا: وجوب الاستفصال عند الفتوى إذا كان المقام يحتمله لقوله: "هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ "، إن الوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الإشارة كالفعل في تحريم الأكل.