مستظل في شجرة فإنه لا يجوز لك أن تنفره ولا يجوز لك قتله من باب أولى، أما لو نفر بدون تنفير مثل: أن يطير عندما أحس بالماشي حوله، فإنه لا إثم عليك في ذلك؛ لأنك لم تنفره.
قال:"ولا يختلي شوكها"، وفيها لفظ "ولا يعضد" أي: يقطع شوكها، "ول يختلي خلاها"، الخلي: الحشيش؛ أي: لا يحش، والعضد: القطع، "والشوك" يعني: الشجر ذات الشوك؛ أي: أن حشيشها لا يحش، وشجرها لا يقطع ولو كان ذا شوك احترامًا للمكان، ولو فرض أن أحدًا أراد أن يفتح خطًا ووجد فيه شجرة، فإنه لا يقطعها اللهم إلا إن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك فنعم. قال:"ولا يعضد شوكها".
"ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد""ساقطتها" يعني: اللقطة، "لا تحل إلا لمنشد" يعني: إلا لمن أراد أن ينشدها مدى الدهر، فمن أخذها لا للإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للإنشاد دائمًا فهو حلال فالأحوال ثلاثة، يحل منها الأخير، أما لقطة غيرها فيحل منه الثاني، وأما الأول فلا يحل في أي لقطة كانت، ومن أخذ اللقطة للتملك من الآن فهذا لا يجوز لا في مكة ولا في غيرها، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد الشرعي فهو جائز في غير مكة، ومن أخذها للإنشاد دائمًا فهو جائز في مكة وغيرها، لكن في غير مكة ليس بواجب، وفي مكة يجب الإنشاد دائمًا.
قال:"ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين"، لما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن القتال محرم في مكة كان إيرادًا ورد فقال: والقتل؟ قال: القتل إذا كان قصاصًا فلا بأس به، "من قتل له قتيل في مكة فهو بخير النظرين" ما هما؟ إما أن يقتل القاتل، وإما أن يأخذ الدية، فإذا قتل لإنسان شخص في مكة عمدًا يثبت فيه القصاص فإننا نقول لأولياته: أنتم الآن بالخيار إن شئتم اقتلوا القاتل وإن شئتم خذوا الدية، وقوله:"بخير النظرين" باعتبار المصلحة، أو باعتبار ما يريده الأولياء؟ الظاهر الثاني، لأن هذا الخيار خيار تشه لا خيار مصلحة.
وقد مر علينا منذ زمن بأن التخيير إن كان للمصلحة فيجب فيه إتباع المصلحة وإن كان تخيير تشه وإرادة، فالإنسان فيه مخير، ففي كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة هذا اختيار تشه، فأي شيء كفرت به فهو جائز، وفي تخيير الإمام في الأسرى من الكفار بين القتل والفداء بمال أو أسير والمن، هذا تخيير مصلحة فإذا كان التصرف للغير فتخيير مصلحة، للنفس فتخيير تشه وهنا التصرف للنفس فيكون التخيير تشهيًا إن اشتهيت فاقتل وإن اشتهيت فخذ دية.
فقال العباس:"إلا الإذخر يا رسول الله، فقال: إلا الإذخر" الإذخر: نبت معروف في مكة وبين العباس رضي الله عنه السبب في ذلك قال: "يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا". فقال: "إلا