يكون شريكًا؛ ولهذا قال الله -سبحانه وتعالى-: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}[الروم: ٢٨]. ما الجواب؟ الجواب واضح؛ يعني: هل عبيدكم يشاركونكم في الأموال التي بين أيديكم التي أعطيناكم إياها، ما هو الجواب؟ الجواب: لا هذا تعرفه أنت بنفسك، كيف تجعل لله عز وجل شريكًا يكون مملوكًا له في عبادته، أظن الإلزام واضح، إذا كنتم أنتم لا تجيزون ولا تسوغن أن يكون لكم شريك فيما رزقكم الله، فكيف تسوغون أن يكون لله شريك في ملكه الذي خلقه، هذه الجملة لبي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يسمع الناس يقولون:"لا إله إلا الله"، وآخرون يكبِّرون ولا ينكر عليهم؛ لأن المقصود هو الذكر وتعظيم الله، ولكن لا شك أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أولى.
يستفاد من هذه الجملة من الحديث: أنه إذا أحرم من ذي الحليفة فلا يلبِّي إلا إذا استوت به على البيداء، ولكن ابن عمر أنطر ذلك وقال:"بيداؤكم هذه التي تقولون -يعني: ينكر هذا -ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد"؛ إذن أهل قبل أن تستوي به ناقته على البيداء، ولكن الجمع بين قول جابر وقول ابن عمر قريب وظاهر؛ وهو أن ابن عمر سمعه حين استوت به ناقته عند المسجد، وجابر سمعه حين استوت به على البيداء، وكل إنسان حكى ما سمع، وهذا هو الواجب على كل إنسان أن يحكي ما سمع أو ما ثبت عنده بطريق صحيح فلا منافاة؛ ولهذا وردت أحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أهلّ دبر الصلاة قبل أن يركب، ومع هذا فالجمع بينه وبين حديث جابر وابن عمر قريب أيضًا، كما جمع ذلك ابن عباس رضي الله عنه فيما رواه الحاكم وغيره، وهو أن الناس يدركون النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفة، فأدركه قوم عند صلاته وقالوا: أهلّ بعد الصلاة، وأدركه قوم بعد أن ركب عند المسجد وقالوا: أهلّ حين استوت به ناقته عند المسجد وصدقوا، وأدركه آخرون حين استوت به على البيداء وقالوا: أهل حين استوت به على البيداء وصدقوا، والجمع هذا قريب وليس فيه إشكال.
ومن فوائد الحديث: إنه ينبغي للإنسان أن يستحضر في مجيئه إلى مكة وإحرامه، إنما يفعل ذلك تلبية لدعاء الله، فأين الدعاء؟ قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: ٢٨] فالأذان بأمر الله يعتبر أذانًا من الله، فإذا كان الله هو الذي أذن فأنا أجيبه وأقول:"لبيك اللهم ... الخ".