للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوء، ولا شك أن للتسمية أهمية، حتى جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر". وهذا الحديث فيه مقال لكن النووي صححه، ويدلك على أهميتها أنك لو ذبحت شاة بدون تسمية بمدية قوية منهرة للدم؛ صارت حراما كالميتة حتف أنفها، ولو سميت كانت حلالا.

ويدلك لهذا أيضا إذا جلس الإنسان على طعامه وأكل بدون تسمية شاركه الشيطان فيه، وإذا سمى لم يشارك؛ إذن فهي حارسة من الشيطان عند الأكل أو الشرب.

واختلف العلماء - رحمهم الله- في وجوب التسمية على الأكل والشرب؛ فمنهم من قال: إنها واجبة، ومنهم من قال: إنها سنة، والصحيح أنها واجبة، وأنه يجب على الإنسان أن يسمي إذا أراد الأكل أو الشرب.

ومن فوائد هذا الحديث: أن من لم يذكر اسم الله عليه لا يصح وضوؤه لقوله: "ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه"، أو لا يكون كاملا على القول بأن النفي نفي للكمال، فهل يقاس على الوضوء الغسل؟ هل يقاس على الوضوء التيمم؟ هل يقاس على الوضوء إزالة النجاسة؟ هذه ثلاثة أشياء كلها تحتمل أن تكون فروعا، أما الغسل فإنه ربما يقول قائل: إنه يقاس على الوضوء؛ وذلك لأن الغسل متضمن الوضوء، وإذا كان كذلك فالتسمية فيه كالتسمية في الوضوء على أن الإنسان يجد ثقلا في نفسه لإلحاق الغسل بالوضوء؛ لأن الأصل أن لا قياس في العبادات، أي: أن ما كان شرطا في عبادة لا يمكن أن تنقله إلى عبادة أخرى إلا بدليل، لكن التسمية على كل حال أفضل وأولى.

هل يقاس على ذلك التيمم، بمعنى: أن نقول إذا أردت أن تتيمم فلابد أن تسمي كما لو أردت أن تتوضأ هل نقول إنه إذا كان الوضوء لا يصح إلا بالتسمية فالتيمم عند الحدث الأصغر كذلك؟

من قال بالقياس في الأول قال بالقياس في الثاني؛ لأن البدل له حكم المبدل، وقد يقول قائل: لا يمكن أن يقاس هنا؛ لأن طهارة التيمم تختلف عن طهارة الماء اختلافا كثيرا. تتعلق طهارة التيمم بكم عضو؟ بعضوين، وطهارة الماء؟ بأربعة أعضاء في الصغرى وبالبدن كله في الكبرى، فنقول: لا يمكن أن نقيس التيمم على الوضوء، ثم إن الرسول - عليه الصلاة والسلام-

<<  <  ج: ص:  >  >>