- عليه الصلاة والسلام- الوسطى "التي تخرج على الجمرة الكبرى" الجمرة؛ يعني: مكان اجتماع الناس؛ لأن الناس كلهم ينصبون في هذه الجمرة، ورماها صلى الله عليه وسلم وهو راكب وكان معه أسامة وبلال أحدهما يقود به راحلته، والثاني يظلله بثوب يستره من الحر حتى رمى الجمرة -صلوات الله وسلامه عليه-.
قال:"حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبِّر مع كل حصى"؛ يعني: يقول: "الله أكبر""كل حصاة منها مثل حصى الخذف".
قال:"ثم رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر" رمس صلى الله عليه وسلم من بطن الوادي؛ لأنه أيسر، وكانت جمرة العقبة في ذلك الوقت في سفح جبل -وأنا أدركت ذلك- فرمى من بطن الوادي؛ لأنه أيسر من أن يرمي من فوق، ولكن كيف رمى؟ جعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه والجمرة أمامه، هذا هو الذي ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود، رمى بسبع حصيات.
فيستفاد من هذا: أنه ينبغي للإنسان في أسفاره أن يسلك أقرب الطرق إلى حصول المقصود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سلك الطريق الوسطى التي تخرج رأسًا على الجمرة الكبرى.
وفيه أيضًا: المبادرة برمي جمرة العقبة، يرميها قبل أن ينزل من رحله.
وفيه أيضًا: أنها ترمى بسبع حصيات ويكبّر مع كل حصاة.
وفيه: أن هذا الحصى ليس بالكبير ولا بالصغير، بل هو مثل حصى الخذف، قال العلماء:
وهو بين الحمص والبندق.
وفيه أيضًا: أنه يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي، فلو رماها من فوق الجبل فالرمي صحيح، لكن ينبغي للإنسان أن يسلك الأشق مع إمكان الأسهل، إلا أنه يقال: ربما يكون رميها من فوق الجبل أسهل إذا كثر الزحام كما كان الناس يفعلونه من قبل، لكن هنا بنوا هذا الجدار من خلفها لما أزالوا الجبل، لئلا ترمى من الخلف، ومع الأسف أنها صارت الآن من الخلف، لاسيما في يوم العيد يأتي الناس بكثرة وزحام ويرمونها.
قال:"ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الخ"، انصرف إلى منحر، يعني: مكان نحر الإبل، وكان صلى الله عليه وسلم قد أهدى مائة بعير والواحد منا الآن يتعثر على شاة واحدة واجبة أيضًا، ويقول: أي الأنساك الثلاثة أسهل، وأيها الذي لا يوجد فيه ذبح؟ فيختاره خوفًا من هذه