وهو اليوم الثاني من أيام العيد واليوم الأول من أيام التشريق، "ليومين" يعني: لليوم الثاني عشر، إذن سيتركون المبيت ليلة إحدى عشر وليلة اثنى عشر والرمي يوم عشرة ما يرمون يؤجلونه إلى يوم الثاني عشر ثم يرمون يوم الغد؛ لأنهم إذا جاءوا يوم الثاني عشر ما يذهبوا للرعي؛ إذ إن من الناس من يتعجل فيحتاج إلى إبله، ومن الناس من يتأخر فلا يحتاج إلى إبله، وهؤلاء لا يذهبون خارج منى يرعون إبلهم، ولو كانوا يبقون في المرعى إلى يوم الثالث عشر لأخروا رمي الجمرات إلى اليوم الثالث عشر لكنهم يأتون اليوم الثاني عشر من أجل من يتعجل.
وفي هذا الحديث فوائد: منها: العناية بالرّواحل - الإبل - وألا تترك بدون رعي في هذه المدّة؛ لأن في ذلك تعذيبًا لها، وإيلامًا لها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء إثمًا أن يضيعّ من يقوت". فلا يجوز للإنسان أن يحبس البهائم في مثل هذه المدة وإن كانت الإبل قد تصبر لكنها تصبر مع التحمل والمشقة، والله عز وجل أوجب علينا أن نرعى ما تحت أيدينا رعاية تامة.
ومن فوائد الحديث: شمول الشريعة الإسلامية، وأنها تلاحظ حتى البهائم العجم، وذلك بترخيص ترك هذه الشعيرة من أجل مراعاة هذه الإبل.
ومن فوائد الحديث: إن المشتغل بالمصالح العامة يسقط عنه وجوب المبيت في منًى؛ لأنه هؤلاء الرعاة سقط عنهم المبيت في منى لقوله:"أرخص"، والترخيص بمعنى: التسهيل، ولو لم يكن المبيت واجبًا لكان رخصة لهؤلاء ولغيرهم، لأن غير الواجب لا يلزم به الإنسان فهو في سهولة منه، إذن ضم هذا الدليل إلى ما سبقه من الأدلة الثلاثة، وربما يكون هذا الدليل أقواها في إفادة الوجوب.
ومن فوائد الحديث: وجوب رمي الجمرات، لأنه لم يسقط عن هؤلاء لإمكان قضائه، لكن المبيت لا يمكن قضاؤه، لكن الرمي فعل عمل يمكن قضاؤه، إذن فيستفاد منه: وجوب الرمي؛ لأنه لو لم يجب لقلنا: إنه سنة فات محلها بيومها فلا تقضى، ولكنه يجب قضاؤه.
ومن فوائد الحديث: منع الاستنابة في الرمي، ووجهه: أن الرسول صلى الله عليه ولسم لم يرخِّص لهم أن يستنيبوا غيرهم في الرمي عنهم مع أن الحاجة قد تكون داعية لذلك، ولو كانت الاستنابة جائزة في الرمي لأجازه النبي صلى الله عليه وسلم لهم، فيتفرع على هذا فائدة أخرى وهي: خطأ أولئك القوم الذين يتساهلون في رمي الجمرات اليوم، فتجد الواحد منهم يقول: - وبكل سهولة - خذ يا فلان حصاي ارم بهن وإن كان قادرًا لكن جالس من أجل تناول الشاي، فنقول: هذا حرام.
وفيه أيضًا: بيان خطأ من يبيحون للنساء الاستنابة في الرمي مطلقًا؛ لأن الواجب لا يسقط