بالمسجد الحرام هو مسجد الكعبة؛ لأن هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يقطع كل نزاع، لكن الإجابة عما احتجوا به لإزالة الشبهة.
بقى أن يقال: لو فرض أن المسجد الحرام زاد هل يدخل في الفضيلة أو لا؟ نقول: نعم يدخل أولًا؛ لأنه ليس كالمسجد النبوي فيه التعيين بالإشارة، بل قال:"المسجد الحرام"، فكل ما كان مسجدًا حول الكعبة فهو داخل في الحديث.
لو قال قائل: لو صلى حول المسجد في السوق هل ينال هذا الأجر؟
نقول: فيه تفصيل إن كان المسجد ممتلئًا والصفوف متصلة فهو القوم لا يشقى بهم جليس فينال أجر هؤلاء، أما إذا كان المكان واسعًا في المسجد وصلى هذا في سوقه فلا ينال هذا الأجر.
ثم نرجع الآن إلى هذا التفضيل: هل يشمل الفرائض والنوافل، أو هو خاص بالفرائض؟ قال بعض أهل العلم: إنه خاص بالفرائض، وأن صلاة الفريضة في المساجد الثلاثة مفضلة على غيرها بل في المسجدين؛ لأن الثالث ما ذكر في الحديث، وأما النافلة فلا، والصحيح: أنه شامل الفريضة والنافلة، وأن صلاة الفريضة في المساجد المفضلة وصلاة النافلة سواء المفاضلة، ولو صلى الإنسان تراويح في المسجد الحرام لكان خيرًا من مائة ألف صلاة تراويح فيما عداه من المساجد، وتحية المسجد في المسجد الحرام خير من مائة ألف تحية في غيره وعلى هذا فقس.
مسألة مهمة:
هل نقول: إن هذا يقتضي أن فعل النافلة في مكة في المسجد أفضل من فعلها في بيتك، أو فعل النافلة وأنت في المدينة في المسجد خير من فعلها في بيتك؟
الجواب: لا النافلة في البيت في مكة أو في المدينة أفضل منها في المسجد؛ لأن الذي فضل مسجده على غيره من المساجد هو الذي قال:"أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وعلى هذا فإذا أردت أن تصلي الوتر وأنت في مكة فهل الأفضل أن تذهب إلى المسجد الحرام وتصلي فيه، أو الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك؟ الثاني هو الأفضل، وكذلك لو كنت في المدينة هل تصلي الوتر في بيتك أو في المسجد النبوي؟ الجواب: في بيتك للحديث المذكور ولفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل في بيته مع أنه قال للناس:"صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام"؛ إذن ما هو الجواب الذي يكون منضبطًا؟