نقول: ما فعل في المسجد النبوي أو في المسجد الحرام فهو أفضل من غيره من المساجد بالتفصيل الذي ورد.
ولكن إذا سئلنا: هل الأفضل أن نفعل النوافل في المسجد أو في البيت؟
نقول: ما شرع في المسجد فالأفضل في المسجد كصلاة الكسوف على قول من يرى أنها سُّنة وكصلاة تحية المسجد والصلاة في قيام رمضان والاستسقاء إن فعل في المسجد، أما إذا كان تطوعًا مطلقًا لا يسن فعله في المسجد ففي البيت أفضل ولو كان في المساجد الثلاثة.
من فوائد الحديث، وهي عديدة منها: الترغيب في الصلاة في هذا المسجد بل المسجدين؛ لأنه لم يذكر المسجد الثالث وهو الأقصى، مسجد مكة ومسجد المدينة، ولكن هل يقال: إن هذا أفضل من الصلاة في البيت، أو يقال: ما يشرع أن يكون في البيت فكونه في البيت أفضل؟ الجواب: الثاني، وأظننا ذكرناه، وقلنا: إن الذي قال: "إن الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه"، هو الذي قال:"خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وكان هو يصلي النوافل في بيته، ومن ثم حمل بعض العلماء هذا الحديث على أن المراد بالصلاة هنا صلاة الفريضة؛ أي: الصلوات الخمس، ولكن ينبغي أن يقال: لا، كل ما فعل في هذه المساجد من صلاة فهو أفضل مما سواه في المساجد الأخرى، ويبقى النظر هل أفضل في البيت أو في المسجد؟ هذا له أدلة أخرى مثل تحية المسجد في المسجد الحرام خير من مائة ألف تحية فيما سواه، كذلك أيضًا لو أن أحدًا تقدم إلى المسجد وصلى وصار يتنفل حتى أقيمت الصلاة فهذا النفل الذي كان يفعله بانتظار الصلاة خير من مائة ألف صلاة فيما عداه وفي المسجد النبوي خير من ألف صلاة.
ومن فوائد الحديث: أن الأعمال تتفاضل باعتبار المكان، والدلالة فيه واضحة:"خير من ألف صلاة"، وهل يتناول هذا جميع الأعمال، أو هو خاص بالصلاة فقط؟ يرى بعض العلماء أنه خاص في الصلاة فقط وأن ما عاداها من الأعمال كالصدقة والصيام وطلب العلم وما أشبه ذلك فلا يفضل هذا الفضل وإن كان في الحرم، لكن لا يصل إلى هذا الفضل وهذا هو الصحيح إن لم يوجد أدلة صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في المفاضلة في بقية الأعمال، ووجه ذلك: أن التفاضل أو إثبات الفضل في العمل أمر توقيفي لا يتعدى فيه الشرع فنقول: الثواب ورد في هذا الفضل وما عداه يتوقف على ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج ابن ماجه بسند فيه نظر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان في مكة كان بمائة ألف شهر"، فإن صحّ هذا الحديث ألحقنا به الصيام، وإلا فلا نلحق به شيئًا، والدليل على عدم الإلحاق أولًا: إن إثبات الفضائل للأعمال