كذلك أيضا يوجد حلي تربطه المرأة برأسها له عرى تدخل الشعر في هذه العروة من أجل أن يستمسك، وتسمى عند الناس (الهامة)؛ لأنها توضع على هامة الرأس، وهي على قدر الكف، يعني: قطعة من الحلي على قدر الكف تضعها المرأة على رأسها، ثم تخيطها بالشعر - شعر الرأس- بواسطة العرى التي فيها. هل نقول: إنه يجوز أن تمسح عليها أو يجب أن تخلعها أو تخلخلها حتى يصل الماء من تحتها؟
الجواب: يجوز أن تمسح عليها؛ لأنها من جنس الحناء ومن جنس الخمار، بل هي أشد؛ لأنها تخر بنفس شعر الرأس، وما زال النساء يستعملنها فيما سبق وعندهم العلماء ولا ينبهون على هذا.
وهل يعفى عن الشيء اليسير فيمن يشق عليه التحرز من مانع وصول الماء، كأصحاب البويات الذين يستعملونها، يصبغون بها الجدر لا يخلون من أن يتعلق بأيديهم شيء من البوية، فهل يعفى عن ذلك إن كان يسيرا؟
اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن يعفى عن ذلك إذا كان يسيرا، وطرد هذا أن اليسير يعفى عنه، ووافقه الفقهاء - رحمهم الله- في الوسخ الذي يكون بالأظفار، الأظفار الطويلة، يكون تحت الظفر الوسخ يمنع من وصول الماء فهذا معفو عنه، حتى عند الفقهاء - رحمهم الله- يعفون عن ذلك؛ لأن هذا يشق التحرز منه، ولو قلنا للإنسان: يجب أن تنقب أظافرك عند كل وضوء لكان فيه مشقة، وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله صحيح لكن فيما يشق التحرز منه، وذلك عند من؟ عند أصحاب البويات الذين يصبغون بها الجدر هؤلاء لا شك أنه يسمح بذلك.
هناك مادة أخرى غير البوية تلصق بالجلد وتأبى أن تنقى من الجلد، حتى تضع عليها بنزين - والبنزين عادة يزيل البويات- لا فائدة فماذا نعمل؟
على كل حال: أنا ذكرت هذا من أجل أن تتحرزوا منه وإلا لا شك أنه إذا عجز الإنسان عنه أنه يعفى عنه، لكن نحث الإنسان على ألا يقربه، والحمد لله الآن الوسائل المانعة من ذلك كثيرة، يوجد قفازات من البلاستيك، إذا أردت أن تستعمل فالبسها وإلا فتحرز منها لأنها خطيرة.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الأمر بالمعروف، وجهه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يحسن الوضوء، ولكن إذا قال قائل: هذا فعل، والفعل المجرد عند الأصوليين لا يدل على الوجوب؟ فيقال: هذا فعل جرى امتثالا لقول الله - تبارك وتعالى-: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}[آل عمران: ١٠٤]. وما وقع من فعل الرسول - عليه الصلاة والسلام- امتثالا، فإن له حكم الأمر الذي امتثله.