ومن فوائد الحديث: جواز تصرفات الكفار المالية لقوله: "ثم باعوه فأكلوا ثمنه"، فإن هذا البيع إذا قال:"أكلوا ثمنه" يدل على أن هذا البيع صح؛ إذ لا يحل الثمن إلا بعد صحة البيع. وهذه الفائدة فيها شيء من القلق لكن قد يوحي قوله:"ثم باعوه" على جواز تصرف الكفار، وهذا أمر لا شك فيه، يعني: من حيث الجملة، لكن هل هذا الحديث يدل عليه هذا هو محل قلق في النفس، وأما جواز تصرف الكفار ومعاملاتهم فهذا شيء معروف.
ومنها: جواز استعمال "أرأيت" في مخاطبة الرؤساء وذي الشرف والجاه لقول الصحابة: "أرأيت شحوم الميتة؟ "، ولا يقال: إن هذا سوء أدب في الخطاب؛ لأن الصحابة -وهم أكمل الناس أدبًا- خاطبوا به من هو أعظم الناس في وجوب التأدب معه، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومنها: جواز توكيد الحكم لقوله: "لا، هو حرام"، فإن قوله:"هو حرام" تأكيد لقوله: "لا"؛ إذ لو اقتصر على قوله:"لا" لكفى، وقد يقال: إنه لا يكفي؛ لأن النفي قد يكون للكراهة لا للتحريم، وبناء على ذلك تكون الجملة -"هو حرام"- تأسيسية لا توكيدية.
٧٥٠ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بيِّنةٌ، فالقول ما يقول ربُّ السِّلعة أو يتتاركان". رواه الخمسة، وصحَّحه الحاكم.
قوله:"إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة"، المتبايعان هما: البائع والمشتري، وأطلق عليهما اسم المتبايعين من باب التغليب على أننا نقول: البائع بائع، والمشتري مبتاع.
وقوله:"وليس بينهما بينة"، البيِّنة: ما يبين الحق ويوضحه وهي في الأموال: رجل وامرأتان أو رجلان أو رجل ويمين المدعي.
وقوله:"فالقول ما يقول رب السلعة"، من هو رب السلعة؟ فسرت ذلك في لفظ آخر وهو البائع وتفسيره يرد قول من يقول: إن المراد برب السلعة: المشتري؛ لأن مالك السلعة عند الاختلاف هو المشتري وليس البائع؛ لأن البائع قد باعه وانتقل ملكه عنه، ولكن تفسير اللفظ الثاني يأبى هذا المعنى، ويكون المراد برب السلعة: البائع على كل حال، وظاهر الحديث: أن هذا عام في جميع الاختلافات سواء كان البائع هو المدعي أو كان المشتري هو المدعي، وحينئذٍ يكون بينه وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه" يكون بينهما