صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الإبل الضائعة، فنهى عن أحدها وقال:"ما لك ولها؟ "، لكن المتروكة رغبة عنها قال أهل العلم: إنه يملكها واجدها أيًّا كانت سواء كانت شاة أو بعيرًا أو خشبًا أو حديدًا كل شيء تركه صاحبه وأنت تعرفه أنه راغب عنه فهو لك، يتفرع على هذا: السيارات التي تصدم في الخطوط هل هي لمن وجدها؟ الظاهر لي: أن هذه إذا كانت الصدمة قوية ليس فيها شيء ينتفع به إلا صندوقها والهيكل فصاحبها لا يريدها، وإن كانت بسيطة فمعروف أن صاحبها يريدها، على كل حال: القاعدة في هذا إذا غلب على الظن أن هذا متروك رغبة عنه فهو لمن وجدها.
قال:"فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ"، يستفاد من هذه الجملة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في أخريات القوم؛ لقوله:"فلحقني"، وإذا كان جمله قد أعيا، فإن من لازم ذلك أن يكون في أخريات القوم قطعًا.
ويتفرع على هذه الفائدة: حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وصحبه الذين معه، وأنه كان يكون خلفهم.
ويتفرع عليها أيضًا: أنه ينبغي لأمير الجيش أن يكون هكذا خلف جيشه أو خلف صحبه ورفقته ليتفقد أحوالهم بنفسه.
ويتفرع من هذا أيضًا: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن بإمكانه أن يكون في مقدمة القوم ويكون شخصًا يكون في أخريات القوم، لكن من تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب أن يكون في أخريات القوم.
ومن فوائد الحديث: شفقه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، ولا سيما المستضعف منهم؛ لقوله:"فدعا لي".
ومنها: الإحسان إلى الغير بالدعوة له غائبًا أو حاضرًا، لكنه في الغيب أفضل؛ لأن الغيب أقل منَّة من الحضور؛ إذ إن الحاضر إذا دعا للإنسان الحاضر قد يستشعر أنه له منَّة عليه بهذا الدعاء، وكذلك المدعو له قد يشعر بهذه المنَّة فتنكسر نفسه أمامه، لكن إذا كان في الغيب زال هذا المحظور.
في الدعاء بالغيب فائدة أخرى: أن الملك يؤمِّن ويقول: "ولك مثله"، ولكن إذا كانت الدعوة للحاضر فيها مصلحة أو كان هناك مناسبة كان ذلك أفضل، ولهذا دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لجابر بهذه المناسبة.
ومن فوائده: جواز ضرب الحيوان ليسير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضربه، لكن يشترط لذلك شرطان: الأول: ألا يكون ضربًا مبرحًا كما يفعل الناس يأخذ خشبة له ويضرب الجمل