مجهولًا فقال بعض العلماء بصحته، وقال آخرون بعدم صحته مثل: أبيعك بيتي وأستثني سكناه حتى أجد بيتًا، هذا فيه خلاف؛ منهم من قال: يجوز ويضرب له مدة يمكن أن يحصل على بيت في مثلها، ومنهم من يقول: لا يجوز، ولا شك أن تعيين المدة أقطع للنزاع وأبعد عن الاختلاف، وأنت إذا ظننت أنك لا تحصل بيتًا إلا في خلال شهر فاجعل المدة شهرين حتى إذا وجدته في خلال الشهر تكون لك المنة على صاحب البيت إذا أعطيته بيته وتنازلت عن بقية المدة، فلو شرط النفع في غير المبيت وقال: بعتك بيتي على أن تسكنني بيتك شهرًا؟ لا يصح ذلك، والفرق بينهما أنه في الأول استبقاء منفعة، أما هذا فهو تجديد منفعة، كيف استبقاء منفعة؛ لأنه عندما أبيعك البيت تملك عينه ومنافعه من حين العقد، فإذا استثنيت منفعة لمدة سنة مثلًا فاستثناني هذا استبقاء لمنفعة كنت أملكها أنا فاستبقيت النفع لهذه المدة فصار هذا جائز، أما إذا قلت: على أن تسكنني بيتك شهرًا، فهذه منفعة مستجدة ليس لها علاقة بالمبيت فليست استبقاء منفعة وإنما هي كعقد الإجارة، واشتراط عقد في عقد لا يصح، هذا هو الذي مشى عليه أصحابنا، وجعلوا هذا من باب بيعتين في بيعة، فقالوا: لا يصح اشتراط عقد في عقد.
والقول الثاني في المسألة: أن هذا صحيح أن أبيع عليك هذا البيت بشرط أن تسكنني بيتك لمدة شهر أو مدة سنة حسب ما نتفق عليه، وقالوا: إن أقصى ما في ذلك أن عقد جمع بين بيع وإجارة، ولا دليل على المنع من الجمع بين عقدين، ولهذا يجوز أن أقول: بعتك بيتي على أن تبيعني بيتك بثمن معلوم، وليس هناك دليل على المنع.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نكاح الشغار؟
فالجواب: بلى، ولكن نكاح الشغار يتعلق به حق ثالث يخاف أن يمتهن حقه بهذا الشرط، من الثالث؟ المرأة، ربما يقول: أنا أزوجك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ويذكر المهر وكل شيء، لكن يكون في هذا إجحاف على المرأتين أو على إحدهما بخلاف هذه المسألة، فالصحيح: أنه ينشأ اشتراط عقد آخر مع هذا العقد، إلا إذا تضمن ذلك محظورًا شرعيًّا، كما لو قلت: أقرضتك ألف ريال بشرط أن تسكنني بيتك سنة، هذا لا يجوز؛ لماذا؟ لأنه قرض جر منفعة وأخرج القرض عن موضوعه؛ إذ إن الأصل في القرض الإرفاق والإحسان، والآن جعلته من باب المعاوضة والطمع، ولهذا نقول: كل قرض جر منفعة فهو ربا سواء صح، الحديث أم لم يصح، لكن معناه صحيح على كل حال نقول: إذا اشترط منفعة في البيع فهو جائز، دليله حديث جابر.
أما إن اشترط منفعة في غيره ففيه خلاف، والراجح جواز ذلك، بعض العلماء يقول: إن جواز هذا الشرط على خلاف القياس، ويأتون بأشياء من العقود يقولون: إنها على خلاف