لا تموت فيه الفأرة، والجامد جمودًا وسطًا بين المائع والجامد قد تموت فيه، لكن الصحيح أنها تلقى وما حولها ثم يؤكل السمن.
ويدل على ذلك أن هذا الحديث وهم؛ أنه قال:"إذا وقعت الفأرة في السمن"، ولم يقل: فماتت، ومعلوم أنها إذا خرجت حية فهي طاهرة؛ لأنها من الطوافين علينا ومما يشق التنزه منه، فهي لو سقطت مثلًا في ماء وهي حية وخرجت فالماء طهور وليس بنجس، وكذلك لو سقطت في سمن وخرجت حية فهو طاهر ولا يكون نجسًا.
ويدل على وهمه أيضًا أنه قال: إن كان مائعًا فلا تقربوه؛ يعني: فهو حرام، ولو أخذنا بظاهره لكان شاملًا للقليل والكثير وللمتغير وغير المتغير وإتلاف الكثير الذي لم يتغير بسقوط هذه الفأرة فيه إضاعة مال لا تأتي بمثله الشريعة، فهو في الحقيقة كلما تأملته وجدته وهمًا، وأن الصواب ما رواه البخاري في الحديث السابق، أنها إذا وقعت فماتت تلقى وما حولها، والباقي يؤكل ويستعمل.
٧٥٦ - وعن أبي الزُّبير قال:"سألت جابرًا عن ثمن السِّنَّور والكلب؟ فقال: زجر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك". رواه مسلمٌ.
- والنسائيُّ وزاد:"إلا كلب صيدٍ".
سؤاله لجابر بنفي ما يحتمل من التدليس؛ لأن أبا الزبير فيه تدليس يسير، لكن الظاهر أن كل ما رواه عن جابر في صحيح مسلم أو غيره من الكتب الصحيحة والمعتمدة فهو محمول على السماع.
يقول:"سألت عن ثمن السِّنَّور". ما هو السِّنَّور؟ السِّنَّور: القط، وهو معروف وبعضه أليف وبعضه وحشي، بعضه أليف يأتي إليك تمسكه وينام عندك وكذلك ينظف البيت من الحشرات، والفأرة والصارور والوزغ وغير ذلك، وبعضه غير أليف كما هو معروف بعضه يكفأ القدر ويأكل الحمام، وكان قديمًا يأكل عندنا ولا أدري في البلاد الأخرى، كان بالأول يأكل الدجاج، أما الآن فيأكل مع الدجاج، على كل حال: هذا السِّنَّور سئل جابر عن ثمنه فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك، والزجر: النهي بشدة، والكلب سبق لنا أيضًا الكلام فيه ولا حاجة إلى إعادة الكلام.
يقول:"زجر عن ذلك"، أي: عن ثمن السِّنَّور والكلب.
وعلى هذا فيستفاد من هذا الحديث: تحريم بيع السِّنَّور، وظاهره أنه لا فرق بين الأليف والوحشي، ولا بين الأليف النافع والأليف غير النافع للعموم، وهذه المسألة اختلف فيها أهل