للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأهل العلم والأصل الوجوب حتى يقوم دليل على أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للوجوب وكثير من المعاصرين ذهبوا أيضًا إلى أنه للوجوب، ومعروف أن الشارع له تشوف عظيم إلى العتق، فإذا اقترن الأمر مع تشوف الشارع للعتق فإن ترجيح القول بالوجوب له وجه.

ومن فوائد الحديث: أن المكاتبة تجوز بالكثير والقليل؛ لأنه لم يرد تحديد لها شرعًا. اهـ

ومن فوائد الحديث: جواز استعانة المكاتبة بغيره لفعل بريرة مع عائشة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم، وهل الرسول علم بذلك؟ الظاهر أنه علم، وكل ما حدث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فهو حجة سواء علم به أو لم يعلم؛ لأنه إذا لم يعلم به الرسول فالله يعلم به.

ومن فوائد الحديث: جواز تعجيل الدَّين المؤجل لقول عائشة: "إن أحبوا أن أعدها لهم فعلت"، وإذا عجل الدَّين المؤجل بقدره فالظاهر أن المسألة محل إجماع أنه يجوز أن يعجل المدين الدَّين لكن بقدره عليه، عليه مائة ريال مؤجلة إلى سنة يعجلها الآن هذا لا بأس به، لكن إذا قال: أعجلها على أن تسقط من دينك فأعجل لك المائة على أن تكون تسعين فيه خلاف، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يجوز، والصحيح أنه يجوز تعليلهم يقولون: لأن هذا ربا فإن التنقيص من أجل التعجيل كالزيادة من أجل التأجيل، فكما أنك لو زدت في الأجل وزدت في القدر كان ربًا، فإذا أنقصت في الأجل ونقصت في القدر كان ربًا، ولكن الصحيح خلاف ذلك فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ضعوا وتعجلوا"، وأيضًا الفرق بينهما ظاهر؛ لأن الزيادة في مقابل التأجيل ربا زادت على المدين، لكن الوضع في مقابل التعجيل هل زاد على المدين أم نقص؟ نقص فهو عكسه ففيه نقص على المدين، وهذه فائدة، وفيه تعجيل للدائن، وهذه أيضًا فيه فائدة، فالصواب: جواز تعجيل الدَّين بشرط إسقاط بعضه وليس فيه شيء بل هو فائدة للجميع.

ومن فوائد الحديث: أن التعامل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالوزن والعدّ، لقولها: "تسعة أواقٍ" وعائشة قالت: "أن أعدها لهم"، وهو كذلك، ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الناس يتعاملون بالنقود بالعد وبالوزن، ألم تروا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة" هنا اعتبر الوزن، وقال: "في الرقة في مائتي درهم ربع العشر، فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها" هنا في العدد وهو كذلك، فإذا علم أن عدد المائتين تساوي خمس أواقٍ فسواء قلت: اشتريتها بخمس أواقٍ أو اشتريتها بمائة درهم لا فرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>