للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغدير في أرض هذا الرجل فأدخل إبلك ولتشرب منه، سواء استأذنت أم لم تستأذن، فإن استأذنت ولم يأذن فهل لك أن تدخل قهرًا؟ فيه قولان: القول الأول: أنك لا تدخل؛ لأنه ملكه، والقول الثاني: تدخل؛ لأن لك الحق في أن تشرب هذا الماء، ولو قلنا: إن الأمر يتوقف على إذنه لم يكن لقولنا: إنه يحرم عليه المنع فائدة بالنسبة للداخل.

إذن السؤال الآن هل يجوز -في الحال التي لا يجوز فيها بيع الماء- أن يمنع الداخل إلى ملكه لشرب الماء؟ أقول إذا كان فيه ضرر أو أذى، فالضرر مثل أن يداس زرعه ويؤكل ثمره فله أن يمنع، والأذى مثل أن يطلع الناس على عوراته -نسائه وأولاده وحوائجه مكشوفة- ولا يحب أن يطلع أحد عليها فله أن يمنع، أما إذا لم يكن هناك مسوغ للمنع فالصحيح أنه لا يجوز له أن يمنع، وأما استئذان الداخل فنقول: إنه لا يلزمك أن تستأذن إلا إذا كنت تخشى الفتنة مثل لو دخل وجاء صاحب الأرض حصل فتنة من قتال أو نحوه، فحينئذٍ نقول: لا تدخل حتى تستأذن خوفًا من الفتنة.

والثاني: قال: "وعن بيع ضراب الجمل"، وهو عسب الجمل؛ يعني: إنسان عنده جمل يضرب الناقة، يعني: يعلو عليها من أجل تلقيحها، نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الفحل، فإذا كان عندك جمل وجاءك صاحب ناقة يطلب منك أن تضرب الجمل هذه الناقة، تقول: لا مانع، لكن كل تلقيحة بمائة، فلا يجوز هذا؛ لأنه حرام عليه.

فإن قال صاحب الجمل: إن الضراب يضرُّ جملي، فما الجواب؟ نقول: ليس يضر، هل إضرابك امرأتك يضرُّك؟ لا يكون ضرر في ذلك أبدًا، بل إنه أمر يسرُّك، اترك هذا الجمل أيضًا كذلك، فهو لا يضره في الواقع، لكن إن قال: إنه يضره من جهة أخرى تتعلق نفسه بالإبل بالنوق ويتعبه وهذا مشاهد في الحمر، فالحمار إذا عوّد لا يعود، يعني: إذا عوّده صاحبه إذا رأى أنثى يمكن أن يسقط ما على ظهره ويذهب إليها، فإذا قال: أنا أخشى من التضرر بهذا، فإننا نقول: هذا أمر بينك وبين ربك إن كان هذا حقيقة فلك الحق وإن لم يكن حقيقة وإنما تريد أن تعلل عن منع ما يجب عليك فهذا لا يحل لك على أن موضوع الحمير يختلف عن موضوع الجمال لأن مني الحمار نجس خبيث لا يجوز بيعه بخلاف ضراب الجمل.

لو قال صاحب الجمل: إن جملي هزيل ويضرّه الضّراب، ماذا نقول؟ في هذه الحال لا يلزمك، لكن هذا لا يبرر لك أخذ العوض عنه، نحن نقول: إما أن يكون على الجمل ضرر أو عليك أنت ضرر باستخدام الجمل بعد أن يضرب فلك أن تمنع إذا لم يكن ضرر لا على الجمل ولا عليك فلا يجوز أن تأخذ عوضًا، والكلام الآن في أخذ العوض.

فإن قال قائل: لماذا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؟

قلنا: لأن هذا فيه نوع من المضارة والحسد؛ لأنه إذا كان الجمل لا يتضرر وصاحب الجمل لا

<<  <  ج: ص:  >  >>