للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى رؤيا يكرهها أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وينقلب إلى الجنب الثاني، ولا يخبر بها أحدًا، ويتوضأ ويصلي، كل هذا من أجل أن يطرد الإنسان عن هذه الأمور التي تأتي بها هذه المراتب، ولهذا قال الصحابة: لقد كنا نرى الرؤيا فنمرض منها فلما حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث؛ يعني: استراحوا ولم يبق لهم همُّ، فكل شيء يجلب الهم والحزن والغم فإن الشارع يريد منا أن نتجنبه، ولهذا قال الله تعالى: {فمن فرض فيهنَّ الحجَّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجِّ} [البقرة: ١٩٧]. لأن الجدال يجعل الفرد يحتمي ويتغير فكره من أجل المجادلة سيحصل له همٌّ ويلهيه عن العبادة، المهم اجعل هذه نصب عينيك دائمًا؛ أي: أن الله عزَّ وجل يريد منك أن تكون دائمًا مسرورًا بعيدًا عن الحزن، والإنسان في الحقيقة له ثلاث حالات: حالة ماضية، وحالة حاضرة، وحالة مستقبلة، الماضية يتناساها الإنسان وما فيها من الهموم؛ لأنها انتهت بما هي عليه إن كانت مصيبة فقل: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها" وتناسى، ولهذا نهى عن النياحة، لماذا؟ لأنها تجدد الأحزان وتذكر بها، الحالة المستقبلة علمها عند الله عزَّ وجل، اعتمد على الله، وإذا جاءتك الأمور فاضرب لها الحل، لكن الشيء الذي أمرك الشارع بالاستعداد له فاستعد له، والحال الحاضرة هي التي بإمكانك معالجتها، حاول أن تبتعد عن كل شيء يجلب الهم والحزن والغم لتكون دائمًا مستريحًا منشرح الصدر مقبلًا على الله وعلى عبادته وعلى شئونك الدنيوية والأخروية، فإذا جربت هذا استرحت، أما إن أتعبت نفسك مما مضى أو بالاهتمام بالمستقبل على وجه لم يأذن به الشرع فاعلم أنك ستتعب ويفوتك خير كثير.

٧٦٢ - وعنه رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعًا يبتاعه أهل الجاهليَّة: كان الرَّجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج النَّاقة، ثمَّ تنتج الَّتي في بطنها". متَّفقٌ عليه، واللَّفظ للبخاريِّ.

"حبل" بمعنى: حمل، والحبلة بمعنى: الحوامل؛ لأن حبلة جمع حابل ككامل وكملة، وساحر وسحرة، وكاهن وكهنة، إذن حبلة جمع حابل، والحبل هي الأنثى الحامل، ولا تلحقها التاء؛ لأن الوصف الذي من خصائص الأنثى لا يحتاج إلى تاء، إذ إن التاء يؤتى بها للفرق بين المذكر والمؤنث، وما كان خاصًّا بالمؤنث فليس بحاجة إلى أن يؤتى بالتاء الفارقة، ولهذا يقال: حائض، ولا يقال: حائضة، ويقال: مرضع، ولا يقال: مرضعة، وحينئذٍ نحتاج إلى الجواب عن قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>