للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعتك إياه بمائة مؤجلة هذا شرط واحد فيجوز على أن تبيعني بثمانين نقدًا دخل الشرط الثاني أفسده، وعلى هذا حمل الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن المراد بذلك مسألة العينة، لأنها هي التي إذا اجتمع فيها شرطان أفسد العقد وشرط واحد لم يفسد العقد؛ لأنه - كما قلنا- لا ينطبق على الشروط التي هي شروط للعقد ولا على الشروط في العقد التي تثبت بدون شرط، ويكون الشرط فيها توكيدًا، ولا على شروط فيها منفعة لكن لا تؤدي إلى شرط محرم، هذه ثلاثة أشياء.

قلنا: المعنى الأول لا يدخل بالاتفاق، لأننا نجد عقد البيع يشتمل على شروط كثيرة، والمعنى الثاني كذلك لا يدخل بالاتفاق وإن قُدر فيه خلاف فهو ضعيف جدًا وهو الذي يقتضيه العقد سواء شرط أو لم يشترط، ويكون الشرط هنا مقيدًا للتوكيد فقط، الثالث الذي فيه مصلحة ولا يُوقع في محظور فيه خلاف، فمن العلماء من منعه وهو المشهور من مذهب أحمد، ومنهم من أجازه، والصحيح الجواز، وإن شيءت فقل- بما هو أعم -: كل شرطين لو انفرد أحدهما لم يؤثر وإن اجتمعا أثرًا فهما داخلان في الحديث، ويمكن أن تأتي صورة غير العينة.

إذا كان الانتفاع من الطرفين كما لو أقرضه على أن يزرع أرضًا، فقد قال ابن القيم رحمه الله: إن هذا لا بأس به إذا كان متساويًا فكل منهما انتفع، والربا ينتفع به جانب واحد، ومن ذلك ما يفعله الناس الآن يجتمع خمسة موظفون فيقولون: سنخصم من رايتنا كل شهر ألفًا نعطيه واحدًا منا وفي الشهر الثاني وهكذا، فهذا جائز لأنه ليس فيه منفعة للمقرض، فإن قدر أنه منفعة فهو للجميع.

ثم قال: "ولا ربح ما لم يضمن" هذا الثالث، يعني: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح الذي لم يُضمن، أي: لم يدخل في ضمان رابح، لماذا؟ لأنه إذا لم يدخل في ضمانه فربما الضامن الذي لم يسلمك الحق يمانع في تسليمه، وحينئذ يكون في ذلك ضرر، مثاله: باع الإنسان طعامًا اشتراه من زيد فباعه على عمرو قبل أن يستوفيه، فهنا لا يصح البيع؛ لأنه غير مضمون، إذ إن ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع لا يضمن ولا يدخل في ضمان المشتري إلا إذا حصل ذلك، نزيدها إيضاحًا: إذا اشتريت هذا البر الذي أمامنا كل صاغ بدرهم إن كلته فهو في ضماني وقبل أن أكيله في ضمان البائع، هذا البر هل هو لي أو البائع؟ هو لي، ولكن ما دمت لم آكله فهو في ضمان البائع، لو بعته بربح قبل الكيل لكان حرامًا، كما أن بيعه من الأصل حرام ويزداد حرمة إذا ربحت فيه، لماذا؟ لأنه ربما إذا علم البائع أني ربحت يمانع في تسليمه؛ لأن النفوس

<<  <  ج: ص:  >  >>