مجبولة على الحسد وعلى الظلم، فإذا رأى أني قد ربحت يمنع، وحينئذ يكون بيع ما لم يقدر على تسليمه.
رجل في ذمته لي مائة صاغ بُرّ فبعتها على شخص آخر، هل يجوز هذا البيع؟ لا يجوز، لماذا؟ لأن هذا الدّين الذي في ذمة المدين لا يدخل في ضماني حتى أستوفيه منه.
إذا اشتريت ثمرًا على نخل فالثمر من ضمان البائع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئًا بما تأخذ مال أخيك بغير حق"، فهل يجوز أن أبيعه بفائدة؟ نقول: ظاهر الحديث لا، وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد أنه لا يجوز بيع الثمرة على رءوس النخل بربح، أما بغير ربح فيجوز؛ لأن قبض الثمرة تخلية، فإذا خلى البائع بيني وبينها فهذا قبض، لكن الشارع جعلها من ضمان البائع، فإذا بعتها بربح فقد ربحت فيما لم أضمن فيكون ذلك حرامًا، وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
مثال آخر: استأجرت من شخص بيتًا لمدة سنة بألف ريال فهل يجوز أن أؤجره بربح: بألف ومائة؟ ظاهر الحديث أنه لا يجوز، لأن هذا غير مضمون؛ لأنه لو سلف في العين لانفسخت الإجازة، ولهذا كان القول الثاني في مذهب الإمام أحمد أنه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر بأكثر مما أستأجر، لأنه إذا فعل ذلك فقد ربح فيما لم يضمن هكذا ذكر شيخ الإسلام صلى الله عليه وسلم في رسالته "وضع الجوانح" على أنه لا يجوز الربح فيما استأجرته، ولا يجوز الربح في بيع الثمرة على رءوس النخل؛ لأنها في غير ضمانه، أما المذهب في المسألتين فيجوز الربح، لأنه كان من ضمان البائع، أعني: الثمرة كانت من ضمان البائع ولم تدخل في ضمان المشتري لسبب وهو أن المشتري لا يكمل الانتفاع بها إلا بأخذها، ففي القبض شيء من النقص، وأما في مسألة الإجارة فيقولون: إن الأصل بقاء العين، والأصل أن المنفعة باقية للمستأجر، وإذا قدر أنها تلفت فإنه سوف يضمن للمستأجر بقية الأجرة، فهي داخلة في ضمانه إما باستيفاء منفعة وإما برد الأجرة، ولنفرض أنها تهدمت في نصف السنة، فهنا لا يمكنك أن تطالب المؤجر وتقول له: أبحث لي عن بيت أسكن فيه، لأنه سيقول لك المؤجر: أنا لم أؤجرك إلا هذا البيت وهذا البيت تلف جاءه المطر وهدمه، لكن له ما بقي من الأجرة، له قسط، فإذا انهدم في نصف السنة يستحق نصف الأجرة، إذن الواقع أنه وإن لم يكن في ضمانه.