من حيث استيفاء المنفعة فهو في ضمانه من حيث ردّ باقي الأجرة، ولهذا نقول: إن القول الراجح في المسألتين جواز الربح، لأنه لا ينطبق عليه الحديث فهو مضمون بكل حال، الثمرة إذا ضمنها البائع فسوف يرد لي قيمة الثمرة، فهي وإن لم تكن في ضماني بل في ضمان البائع، لكن إذا فاتتني الثمرة سيأتي ثمنها، فهي في الحقيقة داخلة في ضمانه.
على كل حال: المشهور من المذهب أنه يجوز بيع الثمرة على رءوس النخل بأكثر مما استأجرها به وإن لم تكن داخلة في ضمانه، لأن ضمانها على المؤجر.
قال:"ولا بيع ما ليس عندك" بيع ما ليس عندك أيضًا لا يجوز، والمراد إذا كان معينًا، أما إذا كان موصوفًا فلا بأس كما سنذكره، بيع ما ليس عندي يشمل أمرين: الأول: أن أبيع ملك زيد لأذهب فأشتريه فهذا لا يجوز.
مثال ذلك: جاءني رجل فقال: وجدت لفلان سيارة من أحسن ما يكون من السيارات فقلت له: أنا أبيع عليك هذه السيارة- سيارة فلان-قال: نعم، كم الثمن؟ قلت: أبيعها عليك بأربعين ألفًا، قال: قيلت، هذا لا يجوز، لماذا؟ لأن صاحب السيارة قد يبيع وقد لا يبيع، فتقع في مشكلة مع الذي اشتراها منك، فلا يجوز أن تبيع ما ليس عندك هذه صورة.
الصورة الثانية: أن يكون الشيء ملكًا لك، لكن لا تقدر عليه مثل أن يكون قد استولى عليه ظالم لا تقدر على تخليصه منه، أو يكون جملًا شاردًا أو عبدًا آبقًا فهذا لا يجوز بيعه ولا بيع ما ليس عندك.
الصورة الثالثة: أن يبيع الديون في ذمم الناس، يقول: أطلب فلانًا مائة صاغ بُرّ أبيعها عليك هذا لا يجوز، أولًا: لأنها لم تدخل في ضمانه، والثاني: أن هذا المشتري لم يشترها بمائة درهم فيشتريها مثلًا بتسعين درهمًا، وحينئذ فإن قدر على أخذها من المدين فهو غانم، لأنه أخذ ما يساوي مائة بتسعين وإن عجز فهو غارم، لأنه بذل تسعين درهمًا وقد تذهب عليه، إذن الصور الآن ثلاث: أن يبيع ملك غيره المعين، أن يبيع ما ليس عنده وهو ملكه لكن لا يقدر عليه، الثالث: أن يبيع الديون في ذمم الناس، لأن هذه ليست عنده.
فإن قال قائل: أتجيزون أن يبيع الإنسان الدَّين على من هو عليه؟
فالجواب: نعم، لكن بشرط إلا بربح، فإن ربح دخل في الجملة الأولى من الحديث، وهي:"ربح ما لم يضمن"، دليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير والدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم.