الإنسان عن ذلك؛ لأن الإنسان إذا داخل الناس في تجاراتهم سقط من أعينهم وعرفوا أنه مثلهم يُنازعهم جيفة الدنيا، وأظن للشافعي رحمه الله أبيات حول هذا الموضوع يقول:[الطويل]
ومن يبغ الدنيا فإن طعنتها***وسيق إلينا عذبها وعذابها
فلم أرها إلا غرورًا وغافلًا ***كما لاح في ظهر الفلاة سرابها
وما هي إلا جيفة مستحيلة***عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها***وإن تجتذبها نازعتك كلابها
فالإنسان ذو الشرف والجاه والعلم لا ينبغي أن يتدخل في التجارة وطلب زيادة المال، أما التجارة التي لا بد منها فلابد منها.
ومن فوائد الحديث: حرص الصحابة-رضي الله عنهم-على التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر لفعل زيد بن ثابت.
ومن فوائد الحديث: المبادرة في منع المنكر؛ لأنه أمسك بيده، وهذا يدل على أنه فعل ذلك فورًا لئلا يتم البيع.
ومن فوائده: أن مثل هذا لا يُقال أن فيه حسدًا للمشتري أو بيعًا على بيع كما يتوهمه بعض العامة إذا عُقد عقد محرم وجاء شخص ينصح العاقد ويحذره قال: لا تقطع رزقه، هذا ليس بصحيح، بل الشيء المحرم يجب منعه، ولا يُعد هذا من باب الحسد والحيلولة بين الإنسان ورزقه.
[إعادة شرح]: وقوله: "ابتعت" بمعنى: اشتريت، وأما بعت بمعنى: اعطيت الشيء، فعندنا المادة شرى إن زيدت فيها التاء فهي بمعنى: الأخذ، إن حذفت فهي بمعنى: الإعطاء، فالبائع معط والمشتري آخذ يُقال: شرى بمعنى: باع، واشترى بمعنى: أخذ ويُقال: باع بمعنى: أعطى، وابتاع بمعنى: أخذ.
[عودة للفوائد]: أنه لا يجوز بيع الشيء في مكانه الذي اشترى منه حتى يحوزه مشتريه إلى رحله لقوله: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُباع السلع حيث تُبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم ولا فرق في هذا بين ما يحتاج إلى توفية وما لا يحتاج، أي: لا فرق بين ما يبيع جزافًا أو يبيع بكيل