٧٧٠ - وعنه رضي الله عنه قال:"قلت يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذه وأعطي هذه من هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، رواه الخمسة، وصححه الحاكم.
"البقيع" معروف هو بقع الغرقد الذي فيه مقبرة أهل المدينة، والبقيع معناه: مقتنع الماء وهو موضع قريب من المدينة تُباع فيه الإبل.
وقوله:"فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم"، الدنانير جمع دينار وهو النقد من الذهب، والدراهم جمع درهم وهو النقد من الفضة، والنقدان هما الذهب والفضة، فكان بيع بالدنانير ويأخذ بالدراهم وبالعكس.
وقوله:"آخذ هذا من هذا وأعطي هذا من هذا"، "من" هنا بدلية أي: بمعنى بدل؛ لأن من معاني "من" البدلية، ومنه قوله تعالى:{ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}[الزخرف: ٦٠]. فآخذ هذا يدل هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا بأس .... إلخ) مثال ذلك: يبيع البعير بخمسة دنانير ويأخذ عنها ستين درهمًا أو يبيعها بستين درهمًا ويأخذ عنها خمسة دنانير، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء" "لا بأس" أي: لا حرج ولا إثم: "أن تأخذها" الضمير يعود على العوض المأخوذ بدلًا من العوض الثابت في الذمة سواء كان يأخذ الدنانير بدل دراهم أو الدراهم بدل دنانير، لكن اشترط النبي صلى الله عليه وسلم شرطين قال: "بسعر يومها" لا تزيد ولا تنقص، فمثلًا إذا باع بخمسة دنانير وكان قيمة الدينار عشرة دراهم كم يأخذ العِوض؟
خمسون درهمًا، لو أخذ عنها ستين درهمًا لا يجوز، أخذ عنها أربعين درهمًا لا يجوز لظاهر الحديث؛ لأنه قال: "بسعر يومها"، أما إذا أخذ عِوض هذه الخمسة ستين درهمًا فإنه لا يجوز، ووجهه: أنه ربح فيما لم يدخل في ضمانه ربح في دين له في ذمة المشتري فربح في شيء لم يدخل في ضمانه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن كما تقدم في حديث عمرو بن شعيب، إذن نقول: وجه ذلك: أنه لا يجوز أن يربح في شيء لم يدخل في ضمانه، أما إذا أخذ عنها خمسين يجوز، لأن هذا سعر يومها، إذا أخذ عن الخمسة أربعين وكان قيمة