الصورة الثانية: أن يقول: زراعتك على أن يكون لي شرقي الأرض ولك غريبها، هذا أيضًا لا يجوز لماذا؟ للجهالة والغرر؛ لأنه قد يكون المحصول كثيرًا من الشرق دون الغرب أو بالعكس، والمشاركات مبناها على المساواة، وهنا لا تسوية.
الصورة الثالثة: أن يقول: زراعتك على أن يكون لي مائة صاع من المحصول والباقي لك هذا أيضًا لا يجوز لماذا؟ للجهالة أيضًا؛ لأن هذا الزرع ربما لا يأتي منه إلا مائة صاع، وحينئذ يكون صاحب المائة صاغ غانمًا، والثاني غارمًا، وربما يكون في تقديرنا أنه يأتي ألفًا من الأصواع، فتكون نسبة المائة إلى الألف العُشر، ثم يأتي عشرة آلاف صاع فتكون نسبة المائة عُشر العُشر، وحينئذ يكون الذي اشترط المائة صاع غارمًا، وهذا لا يجوز في باب المشاركات.
الصورة الرابعة: أن يقول: زراعتك على هذه الأرض خمس سنين، على أن تكون السنة الأولى لي والثانية لك، والثالثة لي، والرابعة لك، والخامسة بيننا، فهذا لا يجوز لماذا؟ للجهالة والغرر؛ لأنها قد تكون خمس سنوات؟ لا، لو قال: لك سنة ولي سنة لا يجوز، لكن ذكرناه على سبيل المثال.
الخامس من صور المخابرة الممنوعة: أن يقول: لك ثمرة النخل الذي على البِركة، والباقي لي، أو لك ثمر النخل الذي على السواقي، والباقي لي، فهذا أيضًا لا يجوز لماذا؟ للجهالة. إذن ما هي المخابرة الجائزة؟ المخابرة الجائزة: أن تكون بجزء معلوم مُشاع يعني: شائعًا في كل أجزاء المحصول مثل العُشر، الربع، النصف، ثلاثة أرباع، واحد من مائة، عُشر العُشر، يعني: هذا لا بأس به، لأننا إذا اشترطنا ذلك اشترك الجميع في المغنم والمغرم، فصارت المخابرة المنهي عنها خمسة أقسام تدور كلها على الغرر والجهالة، وأن أحد الشريكين يكون غانمًا والآخر يكون غارمًا، فإن أجّره الأرض بدارهم وقال: خُذ هذه الأرض كل سنة تعطيني عشرة آلاف ريال، فهل يجوز او لا؟ يجوز؛ لأن هذا من باب الإجارة، والزارع يزرع ويحصل قليلًا أو كثيرًا ما علينا، حتى لو لم يزرع فأجرتي ثابتة؛ لأن هذا من باب الإجارة ولهذا قال رافع بن خديج:"فأما الورق فلم ينهنا"، يعني: تأجير الأرض بالفضة، "فلم ينهنا" يعني: رسول صلى الله عليه وسلم.
قال:"وعن الثُنيا" على وزن صُغرى أو كبرى وليست على وزن ثريا كما في شرح سبل السلام (١)، قال: إنه عن الثُنيا على وزن ثريا، وهذا ليس بصحيح، ولا ادري من أين جاء هذا الضبط المعروف في القاموس وغيره أنها بالضم ثم السكون على وزن صُغرى يعني: عن الثُنيا، المراد بالثُنيا: الاستثناء، "إلا أن تعلم" يعني: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم في البيع عن الثُنيا إلا أن يكون.