الاستثناء معلومًا؛ وذلك لأنه إذا لم يكن الاستثناء معلومًا دخل الغرر المنهي عنه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
كيف الثنيا المعلومة والثنيا غير المعلومة؟ الثنيا المعلومة أن يقول: بعتك هذا الشيء إلا نصفه فهذا معلوم، إلا ربعه معلوم، فإذا قال: بعتك هذا البيت إلا ربعه، هذا البستان إلا ربعه معلوم، بعتك هذه العشر نخلات إلا عشرها معلوم، كل جزء مشاع يعين فهو معلوم، بعتك هذه النخلات العشر إلا واحدة مجهول لا يصح؛ لأن هذه الواحدة لا ندري ما هي أهي الطويلة وعينتها يصح؛ لأن هذا معلوم، بعتك هذا البيت إلا جزءًا منه لا يجوز هذا لأنه مجهول، فكان لابد من علم المستثنى، بعتك الشاة إلا رأسها معلوم، لو فرض أن هناك شاة لها رأسان وقال: إلا أحد رأسيها، إذا كان رأساها متساويين فهذا معلوم، لكن إذا كان واحد صغيرًا وواحد كبيرًا فهذا مجهول، إذا قال: بعتك هذه الشاة إلا حملها، هذا مجهول، ولهذا قال الفقهاء: إنه لا يصح؛ لأن الحمل مجهول، ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه يصح؛ لأنه وإن كان استثناء لكنه في الحقيقة استبقاء، فإن الحمل جزء منفصل عن الأم، وكما أنه يصح أن أبيع عليك الحائل يصح أن أبيع عليك هذه الحامل إلا جنينها لأني إذا بعتها عليك إلا الجنين كأني بعت عليك حائلاً، إذ أن الجنين جزء منفصل مستقل قائم بنفسه، بعتك هذه الشاة إلا قلبها، مجهول، ولهذا قال العلماء: إنه مجهول، وكذلك بعتك هذه الشاة إلا كبدها يقولون: إنه مجهول فلا يصح، ولو قيل بالصحة لم يكن بعيدًا؛ لأن هذين العضوين يكادان يكونان معلومين، والاختلاف قريب يسير.
القاعدة الآن في باب الاستثناء أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، بعتك هذه الكومة من البر إلا ثلاثة أصواع؟ في خلاف المذهب يقول: لا يصح، وعللوا ذلك بأن الثنيا معلومة، لكن الباقي بعدها مجهول غير معلوم، واستثناء المعلوم من المجهول يصيره مجهولاً، بعتك هذه الكومة إلا نصفها هذا يجوز؛ لأنه مشاع، لكن إلا ثلاثة أصواع فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك يؤدي إلى جهالة المبيع، وهو الباقي بعد ثلاثة الأصواع، قد أتصور أنه سيبقى بعد ثلاثة أصواع ثلاثون صاعًا، ولا يبقى إلا سبعة وعشرون صاعًا فيقولون: هذا يختلف، ولكن الصحيح أن هذا من الثنيا المعلومة؛ لأن الرسول نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، الذي يعلم ما هو؟ المستثنى، فإذا كان المستثنى معلومًا فلا بأس، وهنا نعلم أن هذه الكومة من الطعام تزيد عن