ومن فوائد الحديث: أن له الخيار مدة ثلاثة أيام، والتعليق بالثلاثة ورد في نصوص كثيرة متعددة، حتى كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تكلَّم تكلّم ثلاثًا، إذا سَلّم سلّم ثلاثًا، إذا استأذن يستأذن ثلاثًا، والثلاث معتبرة شرعًا في مسائل كثيرة ومنها الحديث.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا اختار الرد فإنه يجب أن يرد معها صاعًا من تمر، فإن قال قائل: إذا لم يكن عنده تمر؟ فإنه يرد معها أقرب ما يكون سبهًا بالتمر من القوت؛ لأنه قد يكون في بلاد ليس عندهم نخيل ولا تمر فيرد أقرب ما يكون سبهًا بالتمر، وقيل: بل يرد نفس اللبن إن كان موجودًا أو مثله، إن كان قد شربه أو قيمته إن تعذر المثل، ولكن الصحيح أن يرده طعامًا أقرب ما يكون إلى التمر؛ لأن هذا هو الذي جعله الشارع بدلًا عن اللبن المفقود، ولو كان رد اللبن مقصودًا لقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: فليرد اللبن فإن لم يمكن فصاعًا من تمر، ثم نقول أيضًا: إن ردّ اللبن مثله متعذر، لأن اللبن الذي وقع عليه العقد لبن في ضرع، واللبن في الضرع مستحيل ردّه وتقديره.
ومن فوائد الحديث: تحريم الظلم، ويؤخذ ذلك من تحريم التصرية، وهو كذلك، فإن الظلم محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: } إنه لا يحب الظالمين {[الشورى: ٤٠]. وقال الله عز وجل: } إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم {[الشورى: ٤٢]. وقال تعالى في الحديث القدسي:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"، وقال الَّنبيّ صلى الله عليه وسلم:"الظلم ظلمات يوم القيامة"، والنصوص في هذه كثيرة، والعلماء مجمعون على تحريم الظلم.
ومن فوائد الحديث: حماية الشريعة لحقوق الإنسان، وجه ذلك: النهي عن التصرية وجعل من غبن بها مخيَّرًا بين الإمساك والرّد.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا أمسك بفوات صفة مطلوبة، فإنه يمسك بلا أرش سواء كانت هذه الصفة مشروطة لفظًا أو حالًا، المشروطة لفظًا أن يقول: إنها لبون في مسألتنا هذه، والمشروطة حالًا بالتصرية مصرَّاة فإن هذه التصرية تعطي المشتري شرطًا على أنها كثيرة اللبن، فإذا زال هذا المشروط، فإننا نقول للمشتري الآن، إما أن تمسكها على ما هي عليه وإما أن تردها بخلاف العيب، والفرق بينهما ما أشرنا إليه آنفًا من أن العيب نقص؛ لأن مقتضى العقد أن تكون السلعة خالية من العيب، وأما هذا فهو فوات كمال فهو زائد على أصل ما وقع عليه العقد وهو السلامة.
ومن فوائد الحديث: إثبات الخيار للإنسان؛ أي: أنه يفعل باختياره فيكون فيه رد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله لا يختار شيئًا من الأشياء، بل هو كالريشة في الهواء.