ومنها: أنه لا يجوز بيع النخل حتى يحمر أو يصفر، لكن هذا فيما يحمر أو يصفر، وأما بعض النخيل الذي يبقى أخضر لكنه يثمر فهذا يكتفى فيه بطيب الطعم، ولا حاجة إلى اللون.
ومن فوائد الحديث: لو بدا اللون في نخلة ولم يبد في النخلة الأخرى فإنه يصح بيع النخلة التي بدا فيها اللون ولا يصح بيع النخلة الأخرى، لماذا؟ لأن الحكم يدور مع علته، فهذه وجد فيها علة بيعها، وهذه لم يوجد فلا يصح، فإن باع الإنسان بستانه جميعاً فهل يكفي فيه أن يظهر اللون في واحدة منه؛ لأن الصفقة واحدة، وما لم يظهر فيه اللون فهو تبع، أو لابد أن يكون اللون في كل شجرة أو يكتفى في اللون في كل نوع؟ هذه ثلاث احتمالات، فمن العلماء من قال بالأول وقال: إذا بيع البستان وفيه نخلة واحدة ملونة لكنه صفقه واحدة صح البيع، ومنهم من قال: لا يصح البيع إلا إذا وجد اللون في كل شجرة بمفردها، ومنهم من فصل وقال: إن كان النوع واحداً جاز وإلا فلا، وهذا القول -كما ترون- قول وسط، والغالب أن خير الأمور الوسط، وعلى هذا فإن باع البستان جميعاً وكان فيه أربعة أنواع قد ظهر فقط فالرابع لا يصح في نوعين، فالثالث والرابع لا يصح في واحد، فالثاني والثالث والرابع لا يصح، فإن قلت أرأيت لو باع نوعا من النخل ولم يبد الصلاح إلا في حبة واحدة من شجرة واحدة وقد باع النوع صفقة واحدة فلا يجوز؟ هذا نخل سكري عشر نخلات باعه شخص باعه شخص ولم يكن فيه إلا حبة واحدة من شجرة واحجة فإنه يجوز، قال: فإن صعد الشجرة وأكلها ثم باعها بعد أن أكلها هذه وقعت كانوا يبيعون ثمار النخل وشكوا هل هذه فيها شيء أو لا فصعد واحد الشجرة فوجد فيها حبة ملونة فأكلها ثم نزل فهل يصح بيعها؟ الظاهر لي أنه يصح، لماذا؟ لأنه قد بدا فيها الصلاح، وكونه يأكل أو لا يأكل هذا لا أثر له، نعم لو فرض أنه أكل قبل أن يبحث في الموضوع ونحن لم نعلم قلنا: لا نبيعها حتى يتلون.
٨١٦ - وعنه رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد». رواه الخمسة، إلا النسائي، وصححه ابن حبان، والحاكم.
هذا كالذي قبله تقريبا إنما هو مثال مما قبل، "نهى عن بيع العنب حتى يسوده؛ لأن قبل اسوداده لم يبد صلاحه، وهذا في العنب الذي يلون ويكون أسود، أما الذي لا يلون، كما هو معروف يوجد أصناف كثيرة من العنب لا تلون، فالعبرة بكونها صالحة للأكل تكون لينة وحلوة، فإذا لانت واحلوت حل بيعها، "وعن بيع الحب حتى يشتده، ما هو الحب؟ القمح،