الذرة الشعير، وفول، وعدس، المهم الحب لا يباع حتى يشتد، أما ما دام لينا فإنه لا يباع؛ لأنه لا يبدو صلاحه وتذهب عاهته إلا إذا اشتد، هل يستثنى من هذا شيء؟ نعم يستثنى من ذلك ما إذا شرط قطعه، فإذا اشترى الزرع قبل أن يشتد يريد أن يكون علفاً فالبيع صحيح، يعني: ينتفع به الآن؛ كذلك العنب إذا اشترى عنبا حصرما، لكن هو يرد الحصرم يخلطه في أدوية أو غير ذلك وسيقطعه الآن فهذا لا بأس به، فإن باعه على مالك الأرض في الحب وعلى مالك الشجر في العنب، ففيه قولان لأهل العلم، منهم أجازه، ومنهم من منعه والصواب مع المنع.
ومن فوائد الحديث: جواز بيع الحب في سنبله؛ لقوله:"حتى يشتده" ووجه الدلالة: أن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، إذا كان الكلام في سياق النفي أو نهيا وجاءت "حتى"، فإن ما بعدها يخالف ما قبلها، فقوله:"لا تبيعوه حتى يشتد" إذن وبعد الاشتداد يحل، وهنا سؤال: كيف يجوز بيع الحب في سنبله وهو مستتر غير معلوم، ثم السنبل في وسط الزرع غير معلوم؛ لأنكم -كما تشاهدون- الزروع بعضها مرتفع قد بدا سنبله وبعضها نازل لا يرى سنبله، فكيف يصح بيعه مع أنه مجهول من جهتين؟ أولاً: لأنه مغلف بالقشر، والثاني: أن السنبل لا يرى كله في الغالب؟ الحاجة داعية إلى ذلك، ولو كلف الناس ألا يبيعوا إلا بعد إخراج الحب لكان في ذلك مشقة شديدة وربما نخرج الحب ونحن نريد ادخاره يفسد الحب، لأن الحب إذا أخرج من قشره صار عرضة للفساد، وإذا بقي في قشره صار أسلم له، ولهذا قال يوسف عليه السلام للذي قص عليه الرؤيا:{فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون}[يوسف: ٤٧]- لماذا؟ لأن بقاءه في السنبل حفظ له، ولهذا يقال: إذا بقي الحب في السنبل لا يمكن أن يدخله السوس أبداً، وإذا أخرج لحقه السوس.
إذا نقول: الحكمة في استثناء ذلك: أن هذا مما دعت الحاجة إليه ويتعذر فيه الوصول إلى اليقين، فصار الظن جاريا مجرى اليقين لدعاء الحاجة إليه.
٨١٧ - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق". رواه مسلم.
- وفي رواية له:«أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح».
"لو" هذه شرطية، وهي حرف امتناع لامتناع، تقول: "لو جاء زيد لأكرمه" فقد امتنع الإكرام لامتناع المجيء، ويقابلها "لما" فإنها حرف وجود لوجود، تقول لما زرتني أكرمتك، فقد وجد الويقابلها "لما" فإنها حرف وجود لوجود، تقول لما زرتني أكرمتك، فقد وجد الإكرام لوجود الزيارة، ويتوسط بينها "لولا" فإنها حرف امتناع لوجود تقول: "لولا تخلفك عن